أخذ منكم زمام المبادرة يا شرطتنا الموقرة ...

وضعت التلفاز على قناة (BBC World) وبدأت أمارس التمارين الرياضية اليومية والتي أهملها المجتمع فأصبح في كل بيت أحد الأمراض الثلاثة سكري أو ضغط أو أنيميا ، وكان حينها برنامج وثائقي تقدمه النجمة العالمية وسفيرة حملة السلامه على الطريق ميشيل يوه عن السلامة على الطرق في العالم (Global Road Safety) وتم عرضه في مهرجان كان السينمائي الدولي وحصل على جائزة الأفضل لهذا العام (The best of the Year)...

الفيلم الوثائقي عرض على قناة بي بي سي بعنوان 'الموت من أجل الذهاب إلى المدرسة – Dying To Go To School' ، كانت رحلة اكتشاف للسفيرة لتظهر للعالم الحجم الحقيقي لهذا الوباء الخفي من إصابات المرور على الطرق والحوادث في البلدان النامية. وقد تم تصوير الفيلم على مدار سنة في دول من بينها الهند وكوستاريكا وماليزيا وجنوب افريقيا وفيتنام ، ويحقق في إهمال السلامة على الطرق من قبل المجتمع الدولي والحكومات ، وتكشف عن أثر المذابح اليومية -- 3500 شخص يقتلون كل يوم (حوادث دهس فقط). كما إلتقت بمجموعه من أسر الضحايا والأطفال ... بينما بين التقرير العالمي (قمت بذكر تفاصيله في فقرات أخرى) أنه يلقى في العالم أكثر من مليون ومئتي ألف حتفهم في حوادث الشوراع بكامل أنواعها يوميا!

وخلال تصوير ميشيل الفيلم إلتقت بأمين عام الأمم المتحده وطلبت التحدث في المؤتمر العالمي للسلامة على الطرقات في يومي الرابع عشر والخامس عشر من شهر نوفمبر من كل عام وهما الذكرى العالمية لضحايا حوادث الطرق .... المهم في الأمر والذي لفت إنتباهها حضور مندوبي الدول وخاصة النامية منها والذي كان المؤتمر أشبه بقاعة من الكراسي وبعض الروؤس وخمسة متحدثين يخاطبون تلك الكراسي والجدران الصماء .. حينها تركت تمرين البطن المتعب ووقفت أبحث عن المندوب العماني بين تلك الجموع القليله (بصراحه لا اعرفه ولكن قلت لعل الدم سيأخذني إليه!).

لم أشئ ان أدخل في الموضوع دون تدوين تلك المقدمة وذكر ميشيل يوه فقد كان لها الفضل في بلورة أفكار هذا المقال. عندها قمت بزيارة عدة مواقع على ألإنترنت كموقع (http://www.globalroadsafety.org) وموقع (http://www.who.int) ... وقمت بتحميل بعض التقارير العالميه: كالتقرير العالمي عن الوقايه من الأصابات الناجمة عن حوادث السيارات وتقرير الوصايا للوقاية من حوادث الطريق ومررة على بعض المقالات السريعة لإشباع الفكرة.


على كل حال، لم يكن هناك أي حضور في التقرير الأول لأي من الدول العربية ناهيك عن حضور الدول الخليجية أو عمان ولكن كفت ووفت دولة إسرائيل فقد أعربوا في التقرير عن أسفهم للحوادث التي تهتك الأرواح والأنفس وحمل أخطاء الحوادث قسمةً بين القانون ومعايير بناء الشوراع والسائق.

إستضافت فرنسا اليوم العالمي للصحه في عام 2004 تقديرا لجهودها وجهود الشعب الفرنسي في التقليل من الحوادث وخفض نسبة الوفيات والدمار الذي كانت الحوادث تسببها كل يوم. جاك شيراك أعزى النتائج الجيده إلى جهود المؤسسات المدنية والفرد والحكومة برفض واقعي لكل مسببات الحوادث في فرنسا. ولا زلت أذكر مقال الأخ المبدع علي الزويدي عندما كان يسرد لنا قصة رحلته إلى ألمانيا وما لفت إنتباهه السرعة الكبيرة التي كان يقود بها مظيفه وهو يقول " في ألمانيا لا توجد معنا حوادث" .. لم يكن ذلك الكلام تمدح ولا تظليل لواقع حياة الناس على الطريق ولكن كانت الحقيقة بعينها فروح الإنسان المثقف تطال جسد الحي والجماد. ومقارنة بظيفي الألمان الذين أخبرتهم بأتي لا أتمكن من لقائم في مسقكط وعليهم المجيء ولاية مجيس وكان عليهم أن يقلوا سيارة أجرة من مطار مسقط وحتى صحار في منتصف الليل، حينها أخبرتهم كيف كانت الرحلة قالوا رائعه إلا أن سائق التاكسي لم يرفع رأسه من مسقط وحتى صحار يكتب الرسائل النصية ...

مصادفة مقدرة وأثناء قيادتي للسيارة في اليوم الذي كتبت فيه مقدمة هذا المقال .. سمعت الخبر العجيب على موجز الأخبار أنه بأوامر ساميه سيتم عمل بحث علمي عن السلامة على الطريق وسيقود هذا البحث كوادر من مركز البحث العلمي العماني، في تلك ألأثناء كنت أكتب رسالة نصية لصديق لي كنت على موعد معه وأخذتني السيارة على الرصيف وبعدها تفاجئة بالسيارة التي أمامي قد ضغط على الفرامل وكدت أصدمه لولا عناية الرب ... قلت في نفسي لا تكمل المقال النظري يا باب موثر، حتى تطبق القواعد الأساسية في السلامة على الطريق .. لو كان على الرصيف كائن حي أو جماد لدهسته ولو لم يكن لدي سيارة بنظام ال (ABS) لصدمة السيارة التي أمامي ... وكفرد في المجتمع مطلع ومتعلم أنهيت الدراسات العليا قبل نصف عقد، أعتذرت بطريقتي الخاصه عن الموقف ..


لنعد إلى حديثنا عن الأوامر السامية في البحث العلمي عن السلامة على الطرقات .. أخذتني في تلك الثانية الذاكرة من جديد إلى طرح الأخ بن هودار والذي حدثنا فيه عن تسائلات جمة عن الأوامر السامية ومبادرات المسؤلين أو التخطيط أو بناء الإستراتيجيات في الكثير من أولويات بناء البنى التحيتية أو المجتمع أو غيرها وحتى الرياضية.. وإننتظار الأمر السامي لإيجاد الحلول الجذرية .. ألم يخول ذلك المسؤل ويعطى الموازنات العملاقه لبناء هذا المجتمع من أنسه وجنه .. ألم يجند لهم أسطول من الأنس والجن للبحث والمشاركة وحضور المؤتمرات و إرسال
طلبة علم للرجوع بشهادات الماجستير أو الدكتوراة للخروج بحلول جذرية لبعض مشكلات المجتمع.

لماذا أنتظرت شرطة عمان السلطانيه بعد 39 عام من النهضة ومن المجازر على الطرقات أمرا ساميا للخروج بحلول جذرية لتقليل أظرار الطرقات وكانت حلولها أفكار أنيه كوضع الرادارات وشن حملات مخالفات... كنت على علم بأنه لا توجد لدينا سوى ثلاثة أشياء لحماية المجتمع من الطريق (دفتر المخالفات، الرادار ، وشعار لا تتصل حتى تصل) .. كل هذه الأدوات لم تجدي نفعا وقد أثبتت فشلها وبعد الأمر السامي نقول لشرطة عمان السلطانية ، فاتكم الأمر وأخذ منكم زمام المبادرة.

الأمر الأخر والذي أود أن أطرحة في هذا المقال هو ما جاء من توصيات في تقارير الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والتي أًجهزها كالآتي:

1. يجب على كل دولة تحديد وكالة مستقلة تعنى بموضوع السلامة على الطرقات ، وتستخدم كافة السبل والإمكانات المتاحة للعناية بهذا الموضوع.

2. تقييم المشكلات ومسبباتها تقيما موضوعيا والوقوف على كافة التفاصيل، ومعالجة الطرق التي تكثر فيها الحوادث مهما كان الثمن، وجلب كافة المعلومات والإحصائات المتاحة من الشرطة أو وزارات الصحة والنقل أو شركات التأمين أو شركات صناعة السيارات ..ألخ ، والعمل على مطابقة هذه البيانات والإحصائات بالمعايير الدولية والحصول على النتائج الإقتصادية من جراء تلكم الحوادث وذلك للمساعده للحصول على الوعي العام لنتائج تلك الحوادث.

3. على كل دولة عمل خطط وإستراتجيات تظم فيها النقل والصحة والتعليم و القانون العام والمدني . لبناء هذه الإستراتيجيات ، ويجب على كافة أفراد المجتمع من علماء ومهندسين ومخططي المناطق المشاركة والخروج بإستراتجية بعيدة المدى. وفي هذه الإستراتيجية يجب مراعاة كافة مستخدمي الطريق من مشاه وسائقي السيارات الخفيفة والثقيله وقائدي الدراجات النارية والهوائية ومستخدمي الطرق عامة. وعلى الحكومة دعم هذه الخطط والإستراتجيات بالموازنات الازمة على أن تكون الخطه لخمس سنوات على الأقل.

4. تخصيص كوادر بشرية ومالية للوقوف أمام مشكلات الطرق ويعتبر إستثمار ناجحا لتقليص التكاليف الإقتصادية الناجمة عن نتائج تلك الحوادث.

5. تنفيذ مجموعة من الحلول قصيرة المدى وتقييم نتائج الحلول.

6. نشر الوعي العام ومكافئة كافة القطاعات المشاركة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة لأخي بدر العبري …

فوهة المدفع والبارود .... كلمة حق

القيم التي تعيش عليها الحياة الزوجية