سلسلة خيال مواطن: عبيط في شركة بتروكيميائيات
في صباح أحد الأيام وأنا أتصفح جريدة الصباح المملوئة بأخبار الأمس والإعلانات وبحروب الأيام والصراعات، رأيت في الصفحة الأولى مرسوم سلطاني بإنشاء مصنع بتروكيميائيات ومرسوم آخر يقضي ببناء مركز للبحوث والعلوم وآخر بمراقبة الطقس والتحولات.
إرتسمت على مُحياي أمال وتوقعات وخيالات عن توجة الحكومة الى مختلف الصناعات ليستفاد من النفط بدل بيعه بدولاروبعض البنزات، وعن مستقبل أبنائي و أحفادي من هذه الباقات، تخيلت الإجتماعات والندوات التي يعقدها أصحاب المعالي والسعادات عن غدا مشرق من الصناعات و تنويع الدخل من خيرات الأرض والإستثمارات. تخيلت الإستعدادات قبل إصدار الوعود وتهويل المشروعات، تخيلت الطاولات التي يكتب عليها المخططات وتبدأ منها طرح المناقصات، تخيلت أرقام الموازنات والحسابات التي سترصد من دخل النفط والغاز والسائحين والسائحات. وتخيلت المنسقين والمنسقات وهم يرسلون بالسرية فاكسات إلى من يهمة الأمر في الشركات (قبل إصدار المرسوم) للإستعداد وكتابة العروض للمناقصات قبل صغار المؤسسات. تخيلت آلام الأمهات والجامعات من بطالة أبنائهن من الخريجين والخريجات، تخيلت المأذونيات للقوى العاملة من مختلف الجنسيات، تخيلت قائدي العظيم والثقة الكبيرة لإصحاب الخناجر والعبايات، تخيلت المخلصين من بلادي وهموم الديون والعقارات، مرت ساعة وأنا أتخيل وأتخيل حتى ضاق صدري من الترهات وتناولت بعض المسكنات. قلت بعدها لعل هذا تصور مطلق لوقائق وحوادث من رسم الخيالات ولعل التماسيح حمل وديع ولعل البطالة هي من إتهامات المغرضين وهم ليسوا إلا باحثين ولعل تلك المناقصات تم دراستها بعناية والتخطيط لها بروية ولن تتكالب عليها الكلاب وسترى الحرية. وعللت العلل وبحثت عن المخارج والأمل وسحت بين أغصان الحلم والألم، وقلت ياليتني لم أشقى بما نزل وأطعم أبنائي ولا أسأل وأغمض عيني ولا أجادل فخير القول الصمت عن الإتهامات وإثارة البلبلات وتحريض الأباء والأمهات.
صحوت من تلكم الخيالات إلى خيال آخر من السيناريوهات فقد قيل قص أصبع ولا تخلف طبع، على كل حال في هذه السيناريوهات البطل رجل في الأربعينيات إسمه عبيط وبعض الشخصيات وستنزل على صورة حلقات ومسلسلات:
المسلسل الأول (في الوزارة):
بينما عبيط يتصفح بعض المجلات، إذا بصوت مديره المباشر يقول له مالك تقرأ الجرائد والمجلات وتارك العمل ومحاظر الإجتماعات، وهجاه وسماه بطالة مقنعة من العشرينيات، ورمى على وجه دفتر عروض ومناقصات لمشروع بتروكيميائيات لتحليل وإبداء الرأي وتفنيد الخيارات في غضون فقط يوم وساعات، قلب عبيط أوراق المناقصات وراح يجوب بين أوراق وكلمات كتبتها شركات إستشاريات من الفئة الأولى جائت من أرض العم سام وبعضها أروبيات والفئة الثانية معظمها عربيات، فالشركات العربيات لا يمكن أبدا أن يكن كالأوربيات، فهم ثقات ولا يعرفون الكذب ولا الإختلاسات شعارها الجودة والإمتيازات، قال عبيط لعل القوم لا يعرفون المماطلات وملتزمون بالخيارات والوقت لا يكفي للتعليقات فالمطلوب أن أعطيهم ورقة بيضاء مكتوب عليها المدح والثناء وأنه لا يوجد ما يستدعي المناقشات. نسيت أن أخبركم بإن هناك مرفق مكتوب وموقع من معالي الوزير الموقر، مكتوب علية تم تعيين فلان لقيادة المشروع وأعطوه راتب خيالي وسيارة وغدا يجب إصدار القرار ويعمم، قال عبيط بين خلجات نفسه والنعم بالرجل لكن لم يشتغل قط بالبتروكيميائيات ولا يعرف المعادلات ولا أدوات المشغلات وعشرون سنة بين حيطان الوزارات. تراجع عبيط وقال أكيد تم إتخاذ القرار بعناية كافية ولا يجب أن أنتقد فالنحلة تدمي مقلة اللبوات وأبنائي لا زالوا يطلبوا مني البيزات.
المسلسل الثاني (عند توقيع العقود):
تم تشكيل لجنة لإختيار الشركات المنفذة لمشروع البيتروكيميائيات ولكون عبيط في الأربعينيات ولا يقرأ إلا المدونات تم نقله ليكون مدير مكتب قائد المشروع المنتقى ليشارك في خدمة وطنه المعطى، في صباح اليوم التالي جاء القائد المنتقى وقال لعبيط ماذا تعرف عن (البيتروكيمياويات)، قال له (البتروكيمياويات؟) ، أظنها إسم مجرور إستاذي وهي أطول كلمة في اللهجات وقد زدتها واو و ياء لتذكرني بالكيمة والدال وبعض الحلويات، قال له تقصد بالبترول والكيمياء ومركبات تفيد التحويل الى صناعات، قال له ، هكذا يا إستاذي الكلمة كما نطقتها أنت تذكرني بالكيمة والدال وبعض الحلويات. قال إذن أنت لا تنفع ولا تفهم في المشاريع ولا يمكن أن تكون في مثل هذه الشركات، وسأعين إستشاري ليكون عوني في النائبات فهذا سبب مقنع لمجلس اللوردات. والآن إبدء بكتابة طلب عروض من الشركات الإستشاريات والتي لها باع طويل في مثل هذه المشروعات وأنشرها في كل صحف العالم و الخليجيات.
جائت العروض من الشركات الإستشاريات وفيها أرقام لم يستطع عبيط أن يقرأها واستعان بالحاسبات وبين الأسطر والكلمات معاني بإنهن أحسن الشركات، إجتهد عبيط وقام بتلخيص ما جاء في تلك المجلدات في بعض الوريقات وأعطاها القائد المنتقى ولأنه لا يفهم ولا يرى قال له، هنا يجب تعين شركة إستشارية أخرى لتعُينك في تحليل العروض وبعد ذلك سنرى، قال له ومالك لا تقرأ ما كتبت وسهرت عليه منذ البارحة يا رئيس يا منتقى، قال وهل أنت مثل الحمر يا عبيط يا أعمى، الأن قم وأعرض التحليل لشركة إستشارية أخرى وسنرى. قام عبيط بكتابة رسالة إلى شركة كان يعرف أنها من النخبة ويحبها القائد المنتقى، وبعد مناقشات مع أصحاب البدْلات من مختلف البشرات قامت الشركة النخبة بإرسال التحليل وكان في مطوية، أول خمس ورقات من المطوية مقدمة عن تاريخ الشركة والخدمات وفي المنتصف وضعت وريقات العبيط إبن الأربعينيات وفي آخر المجلد تصنيف لإسعار الخدمات. قال الرئيس المنتقى، وقبل أنا يقرأ نتائج التحليل وجهد الإستشاري العظيم، يا عبيط قم بكتابة التوصية إلى رئيس مجلس اللوردات لينظر في الأمر ونفعل ما يرى. وجائت التوصيات بإختيار الشركة الأقل سعرا دون الرجوع إلى التحليل وما جاء في المجلدات.
وتم إستدعاء الشركة التي تم إختيارها لتوقيع العقد وقبل ذلك تم إستدعاء الصحافة والإعلام لتغطية الأحداث وكتابة العناوين الرنانة وتم تسليمهم صورة نادرة للرئيس المنتقى فقد أدلى بتصاريح تفيد أنه من سهر وأبلى. والعبيط إبن الأربعينيات مشغول بترتيب الحفلة والعزومات في أكبر الفنادق والمنتجعات فهو لا يفهم ولا يعي معنى (البيتركيمياويات).
المسلسل الثالث (مرحلة بناء وتشييد المصنع):
تم إسناد المناقصة لشركة لتكون على نمط إي بي سي (EPC)، هنا صال وجال الرئيس المنتقى ليعي ويفهم ما يدور حول تلك الحوروز والكلمات من معنى، وهي ببساطة تعني هندسة وتمويل ومقاوله، أي الشركة ستقوم بكل شيء حتى تسليم المشروع، هنا ارتاح القائد المنتقى فالمشروع سيبنى وما عليه إلا الإشراف وقول لا. وبعد أيام تم إرسال مذكرة تقضي بتعيين بعض الموظفين الجدد في المشروع برواتب مغريه فهم من بعض أبناء القبائل المساكين ليساعدوا الرئيس المنتقى في توظيف العباقرة والمهارات. قال القائد المنتقى لعبيط، يا عبيط التعمين ثم التعمين فهنا أوامرمولانا السامية فيجب أن نقتدي بها ونسير على نهجه ثمانية ثمانية. لم يفهم عبيط كلمة ثمانية ثمانية وقال ببساطة لعله يعني أقل سنوات الخبرة المطلوبة ثماني سنوات وثمان أخرى في (البيتروكيمياويات). وبعد نشر الأعلانات في الجرائد والمجلات، تم إستقبال السير الذاتية ونصفهم من مواطنين ومواطنات والنصف الآخر جنسيات من شرق المحيطات والبعض الآخر من غرب قزوين، ولحرص الرئيس المنتقى على إنتقاء المواطنين من أصحاب الخبرات والشهادات عزم على ترأس لجنة التوظيف وجذب المهارات وتدريبهم على إدارة مثل هذه المشاريع والصناعات.
بدأت لجنة التوظيف برئاسة الرئيس المنتقى بمقابلة أفواج المتقدمين لوظائف مدير ورئساء أقسام وكبراء المهندسين ليبدأ في المرحلة الأولى من التوظيف، وقسموا أصحاب الطلبات إلى مواطنيين وأجانب من مختلف الجنسيات، عبيط في هذه اللحظات كان يقوم بمناداة أسماء المتقدمين لدخول المقابلة، أراد عبيط أن يستفيد فستأذن القائد المنتقى في البقاء ليسمع كيف تجري المقابلات. وكانت أول مقابلة كالتالي:
بدأ مدير الموارد البشرية الذي تم إرساله بتوصيات وزارية المقابلة بسؤال هز الأبدان، يا فلان متى تخرجت من الجامعة؟ ولماذا أكملتها في ست سنوات؟ ولماذا سيرتك الذاتية بدون تدريب ولا خبرة ميدانيه ولماذا اللغة الإنجليزية ركيكة ولماذا لابس عمامة ربع ترمة؟ إرتبك المسكين وتلعثم، وقبل أن يجيب قفز القائد المنتقى بسؤال أنتصب منة شعر عبيط وقام، يا فلان لماذا لا تجب على السؤال هل أنت من حيدراباد وأطلق بعض الضحكات، قال المسكين لا أنا أنا أنا مواطن من مجان أنهيت الدراسة منذ ست سنوات وكان بحثي عن الأسماك ولا زلت أبحث عن وظيفة في أي مكان حتى في دكاكين الحارات. تحرك كرسي القائد المنتقى وهمس على أذن المدير يسألة بماذا يهذي هذا؟ لا أحب المتشائمين. تحمحم مدير موارد البشرية وقال لفلان إنتهت المقابلة، هل لديك أسئلة، قال شكرا ولكن متى النتائج وكم هي العلاوات، قال المدير سنتصل بعد الفرز والإنتقائات ولا تسأل عن الراتب فهو يكفي لسد الحاجات. إستأذن عبيط القائد المنتقى بأن ينادي باقي الأسماء فالظاهر أنه لن يزيد نفسه إلا غباء وبعض الغم وقليل من التعاسة.
تم مقابلة عشرون مواطن وثمانية من باقي الجنسيات، وظهرت نتائج المقابلات بتعين ثمانية أجانب وثمانية منسقات من الأهل والقريبات. إسترجع عبيط بعض الكلمات وقال يارب إحفظ القائد المنتقى فقد نهج ما جاء في النطق السامي من معنى.
واستمر مسلسل التوظيف لسنة كامله لإكمال العدد الازم من الموظفين ودخل الثمانية العلماء من مختلف الجنسيات دخلوا معارك طاحنه لجلب الأهل والأقارب من القوى العاملة المؤهله، أما عبيط حاول توظيف إثنين من إخوانه الخريجين من جامعة برلين ولكن لم يحالفهم الحظ لأن القائد المنتقى لا يحب الواسطات ولا يشغل أقرباء الموظفين والموظفات ولا يريد عبيط ضرب ثلاثة.
خلال مراحل بناء المصنع كانت هناك بعض الإرهاصات ومشاكل يجب على القائد المنتقى البت فيها بإستخدام وسائل ونظريات عن الإدارات والقيادات تدرب عليها بين جدران الوزارات، فهو القائد الفذ المؤهل المنتقى الذي تم تعينيه وتزكيته من قبل رئيس مجلس اللوردات. من هذه الإرهاصات، أنه ثمت خطأ في تصميم أحد وحدات المصنع والذي من المحتمل عندما يشتغل ويبدأ بأن ينفجر ويسبب حوادث وخطر. طلب أحد المهندسين المواطنين حديثي التخرج مقابلة القائد المنتقى لتوضيح المشكلة وطريقة حلها، ودار الحوار التالي:
سيدي القائد، هناك ثمت خطأ في التصميم يتعلق بالضغط العالي لبعض الوحدات من سلسلة معالجة بعض عناصر البتروكيميائيات لأن المبردات فيها نقص وتريد بعض التعديلات، قال القائد المنتقى بسخرية، كم سيكون عدد الوفيات في حالت الإنفجار وما هي الأثار والتعويضات؟ في هذه الأثناء كان عبيط في الخارج يسمع الحوار ويحدث نفسه ويقول يا مسكين لو تخاطب الجدار لكان لك أسمع. رد المهندس المسكين يا استاذ يمكن تجنب الحادث فنحن لا زلنا في مرحلة الإنشاء، قال القائد المنتقى وماذا تقول الشركة المنفذة للمشروع وماذا يقول الإستشاري يا فلان، قال يا إستاذي وقد بدت عليه ملامح القلق والشك فهو لا يعرف أن هذا من منتجات أفرزتها الوزارات ولا يفهم في هذه الصناعات، قال الشركات تتجاهل هذه الملاحظات ففيها دفع دولارات. هنا إستغاض القائد المنتقى وقال المشروع لا يتحمل زيادة دولارات سيقتلني رئيس مجلس اللوردات، إكتب لي المشكلة في ورقة بيضاء يا مهندس سأرفعها للمجلس، قام عبيط بأمرمن القائد بإعادة صياغة الرسالة لتوضح بإن من أكتشف المشكلة القائد المنتقى وبطريقة غير مباشرة طلب له علاوات على الجهد والسهر من أجل فهم المشكلات. وبعد إجتماع اللوردات تم مناقشة الحل وتمثل في طلب أوامر تغيرية بمئة مليون دولار فالمشكلة لم تكن بسبب الشركات فهم أوفياء ولا يحبون الغش ولا الخداعات.
ولا بد أن نطيل هنا فالمشاكل كانت تأتي كالتيارات والقائد المنتقى يدفع بها يمنة ويسرة وأحيانا يزمجر ويتحشرف ومعضمها تُأشرف من غير حل ولا يعرف لها مطرح. في أحد الأيام جاء عبيط بسرعة وقد انتابه فزعة وحسرة، يا رئيس يا منتقى لماذا رفض طلبي للترقية وتم الموافقة بترقية معظم العلماء من مختلف الجنسيات، يا رئيس يا منتقى لي أبناء أطعمهم خبز ومرق وعلي إقساطات بعضها جمعيات والأخرى للسيارات. تغير وجه القائد المنتقى وقال له، أنت مخطط سيء لأموالك، إذهب فلن ترقى.
ومرت الأيام واليالي وعبيط بين أشواك و بلايا، وجلسات في الدوام الرسمي و بعد الدوام الرسمي عن التخبط و الأخطاء والتهميشات وعن مستقبل هذا المشروع بين أحضان العلماء و إخواننا من القادة الأفذاذ الوجهاء.
المسلسل الرابع والأخير (مرحلة تشغيل المصنع)
قبل تشغيل المصنع بسبعة وسبعون ساعة وحفل الإفتتاح بشهر قام أحد كبراء العلماء من بلاد زيت الجوز و النارجيل بتقديم إستقالته ليعيش بسلام باقي حياته في بلاده فقد شبع من المشروع وتتدرب، تأسف القائد المنتقى وتحسف على إستقالة نابغة العصر وتأفف، قال كم تريد زيادة في راتبك أطلب وأمر فأنت الأول والأخير ولك زيادة في علاوة الأثاث والسكن والهاتف وخمسون في المئة على الراتب الأساسي، لكن العالم مُصر ويريد أن يرحل في أقرب طائرة، عبيط في هذه الأثناء كان يعد مراسيم إفتتاح المصنع ويرسل الدعوات ومنهمك في الإعدادات فهناك جوائز كبرى لخيرة الموظفين من غير المواطنين وبعض المواطنين، وستقدم هدايا لبعض المدعوين فالموازنة المرصوده للإفتتاح تكفي للجميع حتى الفراشين لكن يجب أن يكونوا من غير المغضوب عليهم ولا المتنعترين.
وصلت رسالة الإستقالة لعبيط ليقوم بدوره بإرسالها إلى مدير الموارد البشرية مع التعليق، إلا أنه أستوقفته توقيت الإستقالة والناس لما يزرعوا يريدوا يجنوا، لكن كعادة عبيط يبحث عن الأعذار ويقول هذه أمور لا أستطيق وخليها تمشي فنفسي لا تطيق.
تم التحضير لتشغيل جزئي لبعض وحدات المصنع، وجميع العلماء متجمعين في غرفة التحكم والمشغلين (معضمهم من المواطنين) تحت حديد المصنع، بدأ صوت المحركات العملاقة يسمع، ور ور ور ور ور وهديره كهدير الطائرة، بدء المحرك يضخ المواد ليبدأ التصنيع، عبيط كان يراقب العمل مع المدير المنتقى من فوق سطح المبنى فالقائد من الأصل فيه تشائم وخايف على حياته، في هذه اللحظات ذهب الخيال بعبيط جدا بعيد وكان يفكر ويفكر حتى استفاق مع دوي كصوت المدفع أربك القائد المنتقى، كان الإتصال مباشر من غرفة التحكم بالقائد، قال ماذا دهاكم ما هذا الصوت يا أكارم، فالمسكين لم يشتغل قط في مصانع، تكلم كبير العلماء، لم يحصل شيء يا سيدي وإنما زدنا الطاقة داخل المحرك. قال عبيط من بين ثنايا التفكير، يا مسكين إرجع البيت أحسن لك وتلحف بالبرانيص فمشروع مثل هذا ما يحتاجله مثلي عبابيط .
توالى تشغيل باقي الوحدات حتى تم إنتاج أول شحنة وهذا قبل إفتتاح المصنع، واستمر العمل في المصنع والجميع يصفق وسعيد، حتى في صباح يوم من الأيام وعبيط عند بوابة العمل أوقفه رجال الأمن والسلامه مع مجموعة من رجالات العمل، قالوا لهم توقفوا مكانكم وارجعوا فاليوم مرخوصين عن العمل، أخذ عبيط هاتفه واتصل بالقائد المنتقى إلي لا زال نايم ولايعرف ما جرى، قال ماذا تريد يا عبيط ماذا دهاك تتصل والناس نيام، قال له يا قائد يا منتقى الساعه تقارب التاسعة والناس ممنوعين من دخول المصنع، قال له ماذا؟ أنا قادم في الحال، نظر القائد المنتقى إلى هاتفه فوجد مئة إتصال بعضها خطوط غير معروف أصحابها ولعلها من فوق من عند من عد لهم بعض الهدايا.
توجه القائد المنتقى إلى المصنع ووجد طوابير العمال تنتظر، قال ماذا جرى؟ ماذا حدث؟ ودخل المصنع فستقبلة كبير العلماء، قال له يا قائد يا قائد حصل خطأ وانفجر المصنع؟!
..... هنا المقال إنتهى .....
إرتسمت على مُحياي أمال وتوقعات وخيالات عن توجة الحكومة الى مختلف الصناعات ليستفاد من النفط بدل بيعه بدولاروبعض البنزات، وعن مستقبل أبنائي و أحفادي من هذه الباقات، تخيلت الإجتماعات والندوات التي يعقدها أصحاب المعالي والسعادات عن غدا مشرق من الصناعات و تنويع الدخل من خيرات الأرض والإستثمارات. تخيلت الإستعدادات قبل إصدار الوعود وتهويل المشروعات، تخيلت الطاولات التي يكتب عليها المخططات وتبدأ منها طرح المناقصات، تخيلت أرقام الموازنات والحسابات التي سترصد من دخل النفط والغاز والسائحين والسائحات. وتخيلت المنسقين والمنسقات وهم يرسلون بالسرية فاكسات إلى من يهمة الأمر في الشركات (قبل إصدار المرسوم) للإستعداد وكتابة العروض للمناقصات قبل صغار المؤسسات. تخيلت آلام الأمهات والجامعات من بطالة أبنائهن من الخريجين والخريجات، تخيلت المأذونيات للقوى العاملة من مختلف الجنسيات، تخيلت قائدي العظيم والثقة الكبيرة لإصحاب الخناجر والعبايات، تخيلت المخلصين من بلادي وهموم الديون والعقارات، مرت ساعة وأنا أتخيل وأتخيل حتى ضاق صدري من الترهات وتناولت بعض المسكنات. قلت بعدها لعل هذا تصور مطلق لوقائق وحوادث من رسم الخيالات ولعل التماسيح حمل وديع ولعل البطالة هي من إتهامات المغرضين وهم ليسوا إلا باحثين ولعل تلك المناقصات تم دراستها بعناية والتخطيط لها بروية ولن تتكالب عليها الكلاب وسترى الحرية. وعللت العلل وبحثت عن المخارج والأمل وسحت بين أغصان الحلم والألم، وقلت ياليتني لم أشقى بما نزل وأطعم أبنائي ولا أسأل وأغمض عيني ولا أجادل فخير القول الصمت عن الإتهامات وإثارة البلبلات وتحريض الأباء والأمهات.
صحوت من تلكم الخيالات إلى خيال آخر من السيناريوهات فقد قيل قص أصبع ولا تخلف طبع، على كل حال في هذه السيناريوهات البطل رجل في الأربعينيات إسمه عبيط وبعض الشخصيات وستنزل على صورة حلقات ومسلسلات:
المسلسل الأول (في الوزارة):
بينما عبيط يتصفح بعض المجلات، إذا بصوت مديره المباشر يقول له مالك تقرأ الجرائد والمجلات وتارك العمل ومحاظر الإجتماعات، وهجاه وسماه بطالة مقنعة من العشرينيات، ورمى على وجه دفتر عروض ومناقصات لمشروع بتروكيميائيات لتحليل وإبداء الرأي وتفنيد الخيارات في غضون فقط يوم وساعات، قلب عبيط أوراق المناقصات وراح يجوب بين أوراق وكلمات كتبتها شركات إستشاريات من الفئة الأولى جائت من أرض العم سام وبعضها أروبيات والفئة الثانية معظمها عربيات، فالشركات العربيات لا يمكن أبدا أن يكن كالأوربيات، فهم ثقات ولا يعرفون الكذب ولا الإختلاسات شعارها الجودة والإمتيازات، قال عبيط لعل القوم لا يعرفون المماطلات وملتزمون بالخيارات والوقت لا يكفي للتعليقات فالمطلوب أن أعطيهم ورقة بيضاء مكتوب عليها المدح والثناء وأنه لا يوجد ما يستدعي المناقشات. نسيت أن أخبركم بإن هناك مرفق مكتوب وموقع من معالي الوزير الموقر، مكتوب علية تم تعيين فلان لقيادة المشروع وأعطوه راتب خيالي وسيارة وغدا يجب إصدار القرار ويعمم، قال عبيط بين خلجات نفسه والنعم بالرجل لكن لم يشتغل قط بالبتروكيميائيات ولا يعرف المعادلات ولا أدوات المشغلات وعشرون سنة بين حيطان الوزارات. تراجع عبيط وقال أكيد تم إتخاذ القرار بعناية كافية ولا يجب أن أنتقد فالنحلة تدمي مقلة اللبوات وأبنائي لا زالوا يطلبوا مني البيزات.
المسلسل الثاني (عند توقيع العقود):
تم تشكيل لجنة لإختيار الشركات المنفذة لمشروع البيتروكيميائيات ولكون عبيط في الأربعينيات ولا يقرأ إلا المدونات تم نقله ليكون مدير مكتب قائد المشروع المنتقى ليشارك في خدمة وطنه المعطى، في صباح اليوم التالي جاء القائد المنتقى وقال لعبيط ماذا تعرف عن (البيتروكيمياويات)، قال له (البتروكيمياويات؟) ، أظنها إسم مجرور إستاذي وهي أطول كلمة في اللهجات وقد زدتها واو و ياء لتذكرني بالكيمة والدال وبعض الحلويات، قال له تقصد بالبترول والكيمياء ومركبات تفيد التحويل الى صناعات، قال له ، هكذا يا إستاذي الكلمة كما نطقتها أنت تذكرني بالكيمة والدال وبعض الحلويات. قال إذن أنت لا تنفع ولا تفهم في المشاريع ولا يمكن أن تكون في مثل هذه الشركات، وسأعين إستشاري ليكون عوني في النائبات فهذا سبب مقنع لمجلس اللوردات. والآن إبدء بكتابة طلب عروض من الشركات الإستشاريات والتي لها باع طويل في مثل هذه المشروعات وأنشرها في كل صحف العالم و الخليجيات.
جائت العروض من الشركات الإستشاريات وفيها أرقام لم يستطع عبيط أن يقرأها واستعان بالحاسبات وبين الأسطر والكلمات معاني بإنهن أحسن الشركات، إجتهد عبيط وقام بتلخيص ما جاء في تلك المجلدات في بعض الوريقات وأعطاها القائد المنتقى ولأنه لا يفهم ولا يرى قال له، هنا يجب تعين شركة إستشارية أخرى لتعُينك في تحليل العروض وبعد ذلك سنرى، قال له ومالك لا تقرأ ما كتبت وسهرت عليه منذ البارحة يا رئيس يا منتقى، قال وهل أنت مثل الحمر يا عبيط يا أعمى، الأن قم وأعرض التحليل لشركة إستشارية أخرى وسنرى. قام عبيط بكتابة رسالة إلى شركة كان يعرف أنها من النخبة ويحبها القائد المنتقى، وبعد مناقشات مع أصحاب البدْلات من مختلف البشرات قامت الشركة النخبة بإرسال التحليل وكان في مطوية، أول خمس ورقات من المطوية مقدمة عن تاريخ الشركة والخدمات وفي المنتصف وضعت وريقات العبيط إبن الأربعينيات وفي آخر المجلد تصنيف لإسعار الخدمات. قال الرئيس المنتقى، وقبل أنا يقرأ نتائج التحليل وجهد الإستشاري العظيم، يا عبيط قم بكتابة التوصية إلى رئيس مجلس اللوردات لينظر في الأمر ونفعل ما يرى. وجائت التوصيات بإختيار الشركة الأقل سعرا دون الرجوع إلى التحليل وما جاء في المجلدات.
وتم إستدعاء الشركة التي تم إختيارها لتوقيع العقد وقبل ذلك تم إستدعاء الصحافة والإعلام لتغطية الأحداث وكتابة العناوين الرنانة وتم تسليمهم صورة نادرة للرئيس المنتقى فقد أدلى بتصاريح تفيد أنه من سهر وأبلى. والعبيط إبن الأربعينيات مشغول بترتيب الحفلة والعزومات في أكبر الفنادق والمنتجعات فهو لا يفهم ولا يعي معنى (البيتركيمياويات).
المسلسل الثالث (مرحلة بناء وتشييد المصنع):
تم إسناد المناقصة لشركة لتكون على نمط إي بي سي (EPC)، هنا صال وجال الرئيس المنتقى ليعي ويفهم ما يدور حول تلك الحوروز والكلمات من معنى، وهي ببساطة تعني هندسة وتمويل ومقاوله، أي الشركة ستقوم بكل شيء حتى تسليم المشروع، هنا ارتاح القائد المنتقى فالمشروع سيبنى وما عليه إلا الإشراف وقول لا. وبعد أيام تم إرسال مذكرة تقضي بتعيين بعض الموظفين الجدد في المشروع برواتب مغريه فهم من بعض أبناء القبائل المساكين ليساعدوا الرئيس المنتقى في توظيف العباقرة والمهارات. قال القائد المنتقى لعبيط، يا عبيط التعمين ثم التعمين فهنا أوامرمولانا السامية فيجب أن نقتدي بها ونسير على نهجه ثمانية ثمانية. لم يفهم عبيط كلمة ثمانية ثمانية وقال ببساطة لعله يعني أقل سنوات الخبرة المطلوبة ثماني سنوات وثمان أخرى في (البيتروكيمياويات). وبعد نشر الأعلانات في الجرائد والمجلات، تم إستقبال السير الذاتية ونصفهم من مواطنين ومواطنات والنصف الآخر جنسيات من شرق المحيطات والبعض الآخر من غرب قزوين، ولحرص الرئيس المنتقى على إنتقاء المواطنين من أصحاب الخبرات والشهادات عزم على ترأس لجنة التوظيف وجذب المهارات وتدريبهم على إدارة مثل هذه المشاريع والصناعات.
بدأت لجنة التوظيف برئاسة الرئيس المنتقى بمقابلة أفواج المتقدمين لوظائف مدير ورئساء أقسام وكبراء المهندسين ليبدأ في المرحلة الأولى من التوظيف، وقسموا أصحاب الطلبات إلى مواطنيين وأجانب من مختلف الجنسيات، عبيط في هذه اللحظات كان يقوم بمناداة أسماء المتقدمين لدخول المقابلة، أراد عبيط أن يستفيد فستأذن القائد المنتقى في البقاء ليسمع كيف تجري المقابلات. وكانت أول مقابلة كالتالي:
بدأ مدير الموارد البشرية الذي تم إرساله بتوصيات وزارية المقابلة بسؤال هز الأبدان، يا فلان متى تخرجت من الجامعة؟ ولماذا أكملتها في ست سنوات؟ ولماذا سيرتك الذاتية بدون تدريب ولا خبرة ميدانيه ولماذا اللغة الإنجليزية ركيكة ولماذا لابس عمامة ربع ترمة؟ إرتبك المسكين وتلعثم، وقبل أن يجيب قفز القائد المنتقى بسؤال أنتصب منة شعر عبيط وقام، يا فلان لماذا لا تجب على السؤال هل أنت من حيدراباد وأطلق بعض الضحكات، قال المسكين لا أنا أنا أنا مواطن من مجان أنهيت الدراسة منذ ست سنوات وكان بحثي عن الأسماك ولا زلت أبحث عن وظيفة في أي مكان حتى في دكاكين الحارات. تحرك كرسي القائد المنتقى وهمس على أذن المدير يسألة بماذا يهذي هذا؟ لا أحب المتشائمين. تحمحم مدير موارد البشرية وقال لفلان إنتهت المقابلة، هل لديك أسئلة، قال شكرا ولكن متى النتائج وكم هي العلاوات، قال المدير سنتصل بعد الفرز والإنتقائات ولا تسأل عن الراتب فهو يكفي لسد الحاجات. إستأذن عبيط القائد المنتقى بأن ينادي باقي الأسماء فالظاهر أنه لن يزيد نفسه إلا غباء وبعض الغم وقليل من التعاسة.
تم مقابلة عشرون مواطن وثمانية من باقي الجنسيات، وظهرت نتائج المقابلات بتعين ثمانية أجانب وثمانية منسقات من الأهل والقريبات. إسترجع عبيط بعض الكلمات وقال يارب إحفظ القائد المنتقى فقد نهج ما جاء في النطق السامي من معنى.
واستمر مسلسل التوظيف لسنة كامله لإكمال العدد الازم من الموظفين ودخل الثمانية العلماء من مختلف الجنسيات دخلوا معارك طاحنه لجلب الأهل والأقارب من القوى العاملة المؤهله، أما عبيط حاول توظيف إثنين من إخوانه الخريجين من جامعة برلين ولكن لم يحالفهم الحظ لأن القائد المنتقى لا يحب الواسطات ولا يشغل أقرباء الموظفين والموظفات ولا يريد عبيط ضرب ثلاثة.
خلال مراحل بناء المصنع كانت هناك بعض الإرهاصات ومشاكل يجب على القائد المنتقى البت فيها بإستخدام وسائل ونظريات عن الإدارات والقيادات تدرب عليها بين جدران الوزارات، فهو القائد الفذ المؤهل المنتقى الذي تم تعينيه وتزكيته من قبل رئيس مجلس اللوردات. من هذه الإرهاصات، أنه ثمت خطأ في تصميم أحد وحدات المصنع والذي من المحتمل عندما يشتغل ويبدأ بأن ينفجر ويسبب حوادث وخطر. طلب أحد المهندسين المواطنين حديثي التخرج مقابلة القائد المنتقى لتوضيح المشكلة وطريقة حلها، ودار الحوار التالي:
سيدي القائد، هناك ثمت خطأ في التصميم يتعلق بالضغط العالي لبعض الوحدات من سلسلة معالجة بعض عناصر البتروكيميائيات لأن المبردات فيها نقص وتريد بعض التعديلات، قال القائد المنتقى بسخرية، كم سيكون عدد الوفيات في حالت الإنفجار وما هي الأثار والتعويضات؟ في هذه الأثناء كان عبيط في الخارج يسمع الحوار ويحدث نفسه ويقول يا مسكين لو تخاطب الجدار لكان لك أسمع. رد المهندس المسكين يا استاذ يمكن تجنب الحادث فنحن لا زلنا في مرحلة الإنشاء، قال القائد المنتقى وماذا تقول الشركة المنفذة للمشروع وماذا يقول الإستشاري يا فلان، قال يا إستاذي وقد بدت عليه ملامح القلق والشك فهو لا يعرف أن هذا من منتجات أفرزتها الوزارات ولا يفهم في هذه الصناعات، قال الشركات تتجاهل هذه الملاحظات ففيها دفع دولارات. هنا إستغاض القائد المنتقى وقال المشروع لا يتحمل زيادة دولارات سيقتلني رئيس مجلس اللوردات، إكتب لي المشكلة في ورقة بيضاء يا مهندس سأرفعها للمجلس، قام عبيط بأمرمن القائد بإعادة صياغة الرسالة لتوضح بإن من أكتشف المشكلة القائد المنتقى وبطريقة غير مباشرة طلب له علاوات على الجهد والسهر من أجل فهم المشكلات. وبعد إجتماع اللوردات تم مناقشة الحل وتمثل في طلب أوامر تغيرية بمئة مليون دولار فالمشكلة لم تكن بسبب الشركات فهم أوفياء ولا يحبون الغش ولا الخداعات.
ولا بد أن نطيل هنا فالمشاكل كانت تأتي كالتيارات والقائد المنتقى يدفع بها يمنة ويسرة وأحيانا يزمجر ويتحشرف ومعضمها تُأشرف من غير حل ولا يعرف لها مطرح. في أحد الأيام جاء عبيط بسرعة وقد انتابه فزعة وحسرة، يا رئيس يا منتقى لماذا رفض طلبي للترقية وتم الموافقة بترقية معظم العلماء من مختلف الجنسيات، يا رئيس يا منتقى لي أبناء أطعمهم خبز ومرق وعلي إقساطات بعضها جمعيات والأخرى للسيارات. تغير وجه القائد المنتقى وقال له، أنت مخطط سيء لأموالك، إذهب فلن ترقى.
ومرت الأيام واليالي وعبيط بين أشواك و بلايا، وجلسات في الدوام الرسمي و بعد الدوام الرسمي عن التخبط و الأخطاء والتهميشات وعن مستقبل هذا المشروع بين أحضان العلماء و إخواننا من القادة الأفذاذ الوجهاء.
المسلسل الرابع والأخير (مرحلة تشغيل المصنع)
قبل تشغيل المصنع بسبعة وسبعون ساعة وحفل الإفتتاح بشهر قام أحد كبراء العلماء من بلاد زيت الجوز و النارجيل بتقديم إستقالته ليعيش بسلام باقي حياته في بلاده فقد شبع من المشروع وتتدرب، تأسف القائد المنتقى وتحسف على إستقالة نابغة العصر وتأفف، قال كم تريد زيادة في راتبك أطلب وأمر فأنت الأول والأخير ولك زيادة في علاوة الأثاث والسكن والهاتف وخمسون في المئة على الراتب الأساسي، لكن العالم مُصر ويريد أن يرحل في أقرب طائرة، عبيط في هذه الأثناء كان يعد مراسيم إفتتاح المصنع ويرسل الدعوات ومنهمك في الإعدادات فهناك جوائز كبرى لخيرة الموظفين من غير المواطنين وبعض المواطنين، وستقدم هدايا لبعض المدعوين فالموازنة المرصوده للإفتتاح تكفي للجميع حتى الفراشين لكن يجب أن يكونوا من غير المغضوب عليهم ولا المتنعترين.
وصلت رسالة الإستقالة لعبيط ليقوم بدوره بإرسالها إلى مدير الموارد البشرية مع التعليق، إلا أنه أستوقفته توقيت الإستقالة والناس لما يزرعوا يريدوا يجنوا، لكن كعادة عبيط يبحث عن الأعذار ويقول هذه أمور لا أستطيق وخليها تمشي فنفسي لا تطيق.
تم التحضير لتشغيل جزئي لبعض وحدات المصنع، وجميع العلماء متجمعين في غرفة التحكم والمشغلين (معضمهم من المواطنين) تحت حديد المصنع، بدأ صوت المحركات العملاقة يسمع، ور ور ور ور ور وهديره كهدير الطائرة، بدء المحرك يضخ المواد ليبدأ التصنيع، عبيط كان يراقب العمل مع المدير المنتقى من فوق سطح المبنى فالقائد من الأصل فيه تشائم وخايف على حياته، في هذه اللحظات ذهب الخيال بعبيط جدا بعيد وكان يفكر ويفكر حتى استفاق مع دوي كصوت المدفع أربك القائد المنتقى، كان الإتصال مباشر من غرفة التحكم بالقائد، قال ماذا دهاكم ما هذا الصوت يا أكارم، فالمسكين لم يشتغل قط في مصانع، تكلم كبير العلماء، لم يحصل شيء يا سيدي وإنما زدنا الطاقة داخل المحرك. قال عبيط من بين ثنايا التفكير، يا مسكين إرجع البيت أحسن لك وتلحف بالبرانيص فمشروع مثل هذا ما يحتاجله مثلي عبابيط .
توالى تشغيل باقي الوحدات حتى تم إنتاج أول شحنة وهذا قبل إفتتاح المصنع، واستمر العمل في المصنع والجميع يصفق وسعيد، حتى في صباح يوم من الأيام وعبيط عند بوابة العمل أوقفه رجال الأمن والسلامه مع مجموعة من رجالات العمل، قالوا لهم توقفوا مكانكم وارجعوا فاليوم مرخوصين عن العمل، أخذ عبيط هاتفه واتصل بالقائد المنتقى إلي لا زال نايم ولايعرف ما جرى، قال ماذا تريد يا عبيط ماذا دهاك تتصل والناس نيام، قال له يا قائد يا منتقى الساعه تقارب التاسعة والناس ممنوعين من دخول المصنع، قال له ماذا؟ أنا قادم في الحال، نظر القائد المنتقى إلى هاتفه فوجد مئة إتصال بعضها خطوط غير معروف أصحابها ولعلها من فوق من عند من عد لهم بعض الهدايا.
توجه القائد المنتقى إلى المصنع ووجد طوابير العمال تنتظر، قال ماذا جرى؟ ماذا حدث؟ ودخل المصنع فستقبلة كبير العلماء، قال له يا قائد يا قائد حصل خطأ وانفجر المصنع؟!
..... هنا المقال إنتهى .....
تعليقات