المستوى الثقافي الإقتصادي للمواطن العماني و خطاب معالي أحمد عبدالنبي مكي ..

السلام عليكم مرة ثانية ... كنت قد وعدت بإكمال موضوع "أخذ منكم زمام المبادرة يا شرطتنا الموقرة" ولكن يبدوا لي من الجدل الواسع في السبلة حول الموازنة الحكومية الجديدة أو ما يسمى ب (Fiscal Financial Year) واللقاء الصحفي مع معالي أحمد عبدالنبي مكي حول الموازنة الجديدة ، أجد من الأهمية بمكان طرح هذا الموضوع ليس لنقد مسؤل عماني لا يشك في إخلاصة ، ولست أهلا لنقده، ولكن للوقوف على ضبابية مجموعة التصاريح و مراعاة الأجيال القادمة من الثروة ...

ما أستنكره فعلا هي لغة الخطاب السطحية الذي يستخدمها مسؤلي وزارة الإقتصاد لنقل المعلومة إلى الموطن ، فما اللقاء الصحفي إلا نقل معلومة من أروقة الوزارة والطاولات المستديرة إلى الجمهور، والتي فيما بعد يمحصها المواطن ويقلب تلك المعلومات ليجد المنافع له ولإحفادة .

سأبدأ بالحديث عن المحاضرة للخبير الإقتصادي الإماراتي عبدالرزاق الفارس حول العملة النقدية وقرار إنسحاب سلطنة عمان في عام 2006 (لا أتذكر التاريخ جيدا مع وجودي في القاعة ..)، لفة إنتباهي مجموعة من خبراء الإقتصاد بوزارة الإقتصاد ولغة الخطاب التي كانوا يخاطبون بها البرفسور أو المحاضر والتي كانت تعلوها نبرة ثقة لا يشوبها شك بأن تقاريرهم تصب في مصلحة عمان لا غير (ويجب أن لا نحسن إلا الظن فيهم إن شاء الله) ... لم يكن هو بذلك السهل فقد إحتوى أسئلتهم ..وأنقل لكم بعض كلامه في المحاضرة من موقع
http://www.alwasatnews.com/:

1. «في ظل ارتباط العملة الموحدة بالدولار الأميركي فإن السياسة النقدية لا أثر لها وبالتالي فإننا ننظر إلى السياسة المالية إذ تم تحديد عجز الموازنة بأنه يجب ألا يزيد على 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفي الدين العام يجب ألا يزيد على 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ولكن دول الخليج لديها إنفاق كبير في الوقت الجاري من أجل البناء للمستقبل وفي هذه الحال يمكن أن يرتفع حجم الاقتراض لديها عن السقف المحدد».

2. «وقال إن المحذور الثالث هو ان مشكلة الإحصاءات مشكلة جوهرية، إذ إن دول المجلس لا تملك إحصاءات دقيقة وواضحة وحتى الإحصاءات السرية إحصاءات غير دقيقة، وهذا يعني أن دول المجلس إذا أرادت أن تعرف عجز الموازنة في دولة ما فإنها لن تستطيع معرفة ذلك؛ لعدم وجود إحصاءات دقيقة، مبينا إن ما سيحدث أن الدول الملتزمة بالإحصاءات والإنفاق الصحيح وعجز الموازنة ستتحمل الكلفة في حين ستستفيد الدول غير الملتزمة بالإحصاءات».

3. «وأشار إلى أن من إيجابيات إصدار العملة الخليجية انها تعد رمزا للوحدة الخليجية مثلما أصبح اليورو رمزا للاتحاد الأورربي الذي تخلت دوله عن عملاتها الوطنية من أجل العملة الجديدة، والثاني أن العملة تقدم مجالا أرحب وأوسع للمستثمر والمستهلك والثالث فوائد تعود على أسواق المال الخليجية».

4. «إن البند الرابع هو ازدياد نشاط التجارة البينية والخامس تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة إذ إن كلفة الصرف في سعر البيع أو الشراء ستتلاشى مع وجود العملة الموحدة».

الموضوع الذي اود طرحه في هذا السياق له علاقة بالعملة النقدية و حديث الشد والجذب بين الحكومة والمواطن و المشاكل الإحصائية التي يعاني منها إقتصادنا النامي، ولغة الخطاب التي يتكلم بها مسؤل إقتصادي في البلد ولكن من منظور بعيد الشيء القليل عن الأسباب والمسببات أو حتى الماهيات ..

سأبدأ أولا بلغة الخطاب الإقتصادية التي يتقمصها المصرح الإقتصادي العماني و المراجع الإقتصادية التي إعتمد عليها وخرج لنا بمجموعة من التصاريح والتي تمس المواطن حاضرا ومستقبلا، ومن هذه التصاريح "... السلطنة لن تشارك في العمله الموحده حاضرا أو مستقبلا...." .. السؤال والذي لم يجب عليه معاليه هو "لماذا؟" لن تشارك سلطنة عمان في العملة النقدية؟ .. ألا يحق لي كمواطن معرفة الأسباب الحقيقة لأهيء نفسي لما هو قادم؟ هل الأمر الذي يناقشه خبرائنا الإقتصادين لا يمكن إستعابه من العامة بحيث يكتفي طرحه بين أروقة الوزارة أو الجهات المعنية ... هل المعايير التي كان لا بد من إقتصاديات الخليج إتباعها ستكشف المجهول أو الأوراق التي تدست تحت أروقة إرشيف الجهات الإقتصادية المعنية لذلك خيف عليها في عمان من الظهور .. أم أننا نتبع سياسة نقدية إنجليزية ترتجز على الأفضلية من بين باقي الدول ... وهل المستقبل الذي تكلم عنه معاليه هو مستقبل ما لا نهاية أم هل يقصد المستقبل القريب .. الأمر مربك جدا، المفروض أن العماني خرج من بيئة المتلقي والمستمع إلى بيئة المناقش الفاهم ... الذي يقيم كل كلمة بمقايس العلم ويستدل بكل كلمة إستدلال واضحا وبمعرفة.


السؤال الأخر "يقال أن العجز في أي موازنة هو ظاهرة صحية!" .. هذا كلام أذكرة كُتب كعنوان في أحد الصحف الإنجليزية .. ولكن بخيالي القاصر ... اسأل "لماذا هناك عجز؟" وكما يقول المثل "مد لحافك على قدر رجولك؟" مرة أخرى سيقول لنا بسطحية متناهيه " لدعم خطط وإستراتجيات التنمية " .. طيب سؤالي .. "لماذا خططنا لا تأخذ في الحسبان المتوقع من الدخل النفطي مع الفائض؟" .. هناك مجموعة من الأسئلة كان يجب على صحافتنا أثناء اللقاء طرحها للخروج بمجموعة من المعلومات تفكك طلاسم الإبهام حول إقتصادنا وحول الشائعات التي يتناولها العامة ولو أنا في نظر الكثير من المسؤلين كلنا عامة حتى الصحفين الإقتصاديين الذين يطرحون الأسئلة عليه ...

الأمر الأخر، قضيت الأمس الفائت وقت طويل أجوب بين صفحات وزارة الإقتصاد أحاول أن أفند العنصر الإحصائي الغائب عن الموارد البيئية وغير بيئية والتي يخاطبنا بها معاليه بالموارد النفطية وغير النفطية .. حاولت تفنيد مجموعة من الكلام النثري والذي يتكلم عن خطة عمان ل 2020 ، وهي إستراتيجية بعيدة المدى ستعالج مجموعة من العناصر المهمة لبناء مستقبل معرفي مشرق أهمها "أستراتيجية الموارد البشرية" و"الإستراتيجية الوطنية للسكان" ...

من مقدمة الكلام النثري لإستراتيجية السكان رصدت نقل كلام سلطاننا المعظم حفظة الله ..قال: "...هو صانع التنمية فيجب أن يكون هدفها إسعاده ..." يقصد هنا العنصر البشري ، أنظر إلى سياسة صانع هذه النهضة والتي قيدة التنمية بذلك الساكن تحت تلك الثروات البيئية والتي لا يعلم عنها المواطن سوى القليل ومفندة بين نفطية وغير نفطية وبين واقع إستراتجياتنا.. أنقل لكم هنا مقطع من مقدمة مفهوم الإستراتيجية السكانية من موقع وزارة الإقتصاد (HTTP://www.moneoman.gov.om) :
"... تعني الإستراتيجية السكانية بالمواقف الإستراتيجية و الإجراءات التشريعية والإدارية والتدخلات البرامجية التي ترمي إلى أحداث تغيير كمي ونوعي في المتغيرات السكانية وترشيد السلوك الديمغرافي وتوسيع نطاق خيارات الأفراد المؤثرة والمتأثرة بالتوازن المنشود بين حقوقهم الأساسية ومتطلباتهم الحالية والمستقبلية . كما تهدف إلى تصويب اتجاه التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق المواءمة بين النمو السكاني والموارد المتاحة في المجتمع وإحداث تغيير إيجابي في توزيعه الإداري والجغرافي ... " .

الهدف الذي تسعى لخدمته هذه الإستراتيجية هي إسعاد البشر والخروج من أزمة التقشف إلى حياة الرفاهية والنظر إلى متطلباتهم من الصحة والتعليم الحالية والمستقبلية، قبل يومين إنقضى عام ينظر المواطن إلى مجموعة من الإنجازات التي حققها إقتصادنا وكان أهمها حسب الصحف وإعلامنا " .. الخروج من الأزمة المالية بأقل الخسائر ..." وصعود السوق المالي بأكثر من 60 نقطة" .. والتي لا زالت تحير الكثير من الإقتصاديين حول صدق هذه القفزة بينما لا زالت البنوك الإمريكية تعلن إفلاسها الواحد تلو الآخر، وفي المقابل لم يرى المواطن تطور واقعي وحقيقي في سعادته والتي يلتمسها طرديا مع المعلن حول الثبات الإقتصادي.

إنقضى عام والتركيبة السكانية في إزدياد بمواطنيها ووافدينها ولا يزال المواطن العماني يبحث عن السعادة ، تارة يطلب إعفاء من القروض وتارة إعفاء من رسوم وتارة زيادة جذرية في الراتب لموظفي القطاع العام والذي يزيد عددهم عن 120 ألف مواطن والبقية الباقية الأكثر في القطاع الخاص والباحثين عن عمل والمتقاعدين وأسر الضمان. هم قلة قليلة وجدوا السعادة سواء بالتخطيط السليم لمستقبلهم أو بحظوظ تقسيم الثروات والتعليم، أما البقية والتي لم يسمع لها صوت ولم يحالفهم الحظ في تلك القسمة أو قدر لهم الفقر فلا زالوا ينتظروا تلكم الأحلام الواهية والتي تستفز مشاعرهم كل عام، وخبري لهم .. لا تنتظروا أن يفعل لكم وزير الإقتصاد أي شيء ولكن أنفظوا عن ثيابكم غبار الأحلام وابحثوا عن سعادتكم بأيديكم فالبلد فيها الخير الكثير ودق أبواب الرزق بيديك إن كنت قادر واستعن بالله على كل حال.

فلنعد إلى الحديث عن إستراتيجبة التنمية ، والتي يعتريها الكثير من الظبابية، هذه الظبابية لم تخلق نفسها بنفسها ثم إعتراها الإبهام ليحصل التناقض الكبير بين ما خطط له وبين الواقع .. في الحقيقة المطالبة بإعفاء أو زيادة لن يقدر عليها مكي ولا حتى مولانا المعظم "حفظة الله" .. ولكن يقدر عليها إحصاء مصفوفي نضع فيها البنود والخطط ، ثم ننظر للإستراتيجات بعيدة المدى ونتائجها من اليوم ونعدلها في الغد تماشيا مع الظروف. سأنقل لكم هنا بعض المعلومات حول أهمية الأحصاء من مقال نشر على موقع (www.alsabaah.com) في فكر بناء الإستراتيجيات الإقتصادية ..

"...والحسابات القومية ليست مجرد وسيلة احصائية يتم عن طريقها عرض الاحصاءات الخاصة بمختلف مظاهر النشاط الاقتصادي فلقد اتضح ان العرض الاحصائي للأرقام لا يعني شيئا ، مهما ورد فيه من واقعية ودقة وان المهم هو تصنيف هذه الارقام وتنظيمها في مجاميع ذات مغزى يستند الى النظرية الاقتصادية وواقع الحياة الاقتصادية....".

أنظر ماذا يقول العلم عن الحسابات القومية وطريقة تنظيم الأرقام لخدمة الإستراتيجات، لم أجد من خلال تصفحي لتلك المقالات النثرية في موقع وزارة الإقتصاد ما يثري شغف المواطن وتسائلاته حول مستقبل البلد الإقتصادي ولم أر تلك المصفوفة التي كان يجب أن يستند عليها تصريح المسؤل الإقتصادي. يقول المقال كذلك "... وعلى اية حال فهنالك ثلاثة مجالات تمثل نقاط ضعف في اطار عمل الحسابات القومية: (هنا يذكر جميع الإقتصاديات العربية ..)
1. قد لا تمثل الحسابات القومية الرفاهية بدقة وذلك لان الميزانيات لا تتضمن الموارد البيئية والطبيعية بشكل عام وهكذا فان التغيرات المهمة في مثل هذه الموارد تكون مهملة.

2. لا تكون التكاليف الحقيقية جراء استخدام الموارد الطبيعية في النشاطات الانسانية قد احتسبت اقتصاديا ومحاسبيا وسجلت في الحسابات القومية التقليدية.

يجب الإعتراف بجهود وزارة الإقتصاد ولكن في المقابل يجب على الوزارة الإعتراف بقصور في الإفصاح بشيء من الدقة عن الكثير من الأمور التي تعتريها الظبابية ، وذلك بسبب عدم وجود الإحصاء الازم للخروج بتصريحات نوعية أو هناك إحصائات ولاكن هناك نذير شؤم لا تريد سياستنا إخراجها للسطح ولا بأس في أن يتفاجيء بها المواطن ويعيش ذلك الواقع فهو ليس بالجديد.


وأختتم المقال أعلاه بأن "تصميم مصفوفة الحسابات القومية وكيفية استخدامها للتحليل الاقتصادي ورسم السياسة الاقتصادية على المستوى الكلي يعني تحويلها من مجرد نظام معلومات الى اداة تحليلية تساعد على توجيه وترشيد السياسة الاقتصادية الكلية اذ تشكل مصفوفة الحسابات القومية اطارا للمحاسبة عما جرى في الاقتصاد في الاعوام السابقة وتشكل ايضا نقطة انطلاق نحو بناء نموذج اقتصادي يسمح بالقياس والتنبؤ ..... اذن لكي ترتقي الحسابات القومية من كونها مجموعة من المؤشرات للتعبير عن وضع الاقتصاد لمرحلة سابقة الى التعبير عن حالة الاقتصاد بعد مدة معينة من خلال تقديم مؤشرات تعبر تعبيرا دقيقا عن الاداء الاقتصادي لا بد من ادخال الاعتبارات البيئية في حسابات الدخل القومي استنادا الى المبادئ الرئيسة للنظرية الاقتصادية على ان يتم ذلك في إطار فرعي يجمع بين الاقتصاد والبيئة، ..... ويعد اهمها التركيز على جوانب الشحة الجديدة في الموارد الطبيعية التي تهدد الانتاجية المستدامة للاقتصاد وتدهور النوعية البيئية وما سيترتب على ذلك من آثار على صحة البشرية ورفاهيتها.......".

لم أشأ خروج هذاالمقال أبدا ولكني أرجوا من العلي القدير أن يرى ذلك الإقتصاد المشرق قادة إقتصاديين مسؤلين و إستراتيجيات وخطط مبنية على أساس قوي من الأرقام الحقيقة ليكون بعدها اللقائات الصحفيه شفافة ولا تيعتريها الإبهام ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة لأخي بدر العبري …

فوهة المدفع والبارود .... كلمة حق

القيم التي تعيش عليها الحياة الزوجية