حيتان في بحر إبليس

حيتان في بحر إبليس ......

الحوت الأزرق صاحب أضخم جثة لكائن حي عَمَرَ الأرض في القديم والحديث، وأعلى نبرة لصوت كائن حي، وأصواتها عميقة ومدوية ذات ذبذبات منخفضة تنتشر إلى مسافات بعيدة في الوسط المائي مما يمكنها من الاتصال ببعضها بعضاً عبر مئات الأميال، ورأس هذا الحوت وحده ربع طول جسده، وجسمه الطويل يستدق في إتجاه الذنب وهذا الحوت العملاق يتميز بالهدوء الشديد، وبالحياء والخجل.

وبلهجة ممزوجة تتجلى منها صورة فنتازية و مشاعر خيالية نقارن حيتان البحر بحيتاننا الإرستقراطية الرأسمالية الإشتراكية فهي تتشابه تارة وتختلف تارة أخرى سواء في الأشكال أو الصفات أو تفاصيل المعاني و الشروحات! فحيتان البحر ضخمة الجثة نمت من طعام البحر الحلال من عند القدير الجليل المتعال أما حيتاننا فتختلف بين الهزيلة النحيفة العجوز (كالنقانق المطبوخة بزيت الزيتون) التي تأكل السح والقمح والشعير و السحت والربا و القناطير ، وبين السمينة المنتفخة كثيرة الشحوم واللحوم التي تأكل الكنعد و الهامور ولحم الهام والبورك في فنادق الشيخ و الدوق من بعد الغروب ، حتى تسابيح الطيور!

وحيتان البحر أصواتها عميقة دويها يمتد لمسافات طويلة لتتصل في رحلتها بألفة ورحمة ، أما أصوات حيتاننا فمتغيرة في الحال والزمان والمكان، تارة تصدر صوت رقيقا ونبراته مهتزة رفيعة عندما تريد الحليب من بقرة حلوب أو تريد رقم طويل بدل القصير (عادة في مناقصات شهرزادية!) أو تريد الرحيل لتجديد العهود والمواثيق والرهون وتقاسم كعكة العيد من بعيد! (الرحلة مدفوعة الفطور والسرير وشراب الشعير!) أو أحيانا صوتا منكسر النبرة أمام كأس البراندي وسكوتش وموسيقى العندليب وإجتماع الهوش! أو صوتا متحشرجا مع زوجه المصرون وعسى أن تكون مصون! وتارة صوته كعوي الذئاب والسباع عند عبيد العصر العاكفين على القهوة والشاي والبريد الإلكتروني وجوجل ويو تيوب!

ورؤس حيتان البحر طويلة مستقيمة يوجهها خالق الخلق والخليقة وتأكل الرزق المكتوب من خالقها المعطي الشكور، أما رؤس حيتاننا فهي صغيرة وأحيانا مائلة بسبب الرقبة الطويلة أو المشي مع أصحاب السعادة والمعالي ورجال الأعمال (البزنيزية) أو مع بنت الحسن والجمال الجرسونة كريستينا اللطيفة! أو رأس عريض ملتصق بالصدر والظهر من الأكل والسمنة والتخطيط والتقية! (ولله في خلقه شئون)! لا يجوز أن نعيب لكن الوصف للموصوف والفاهم لا يحتاج إلى تخصيص والتعميم هنا لا يجوز ولو معروف!) وهي على العموم كبيرة قوية بالفساد وبالجشع مروية عتية وبالمخططين الساجدين الراكعين الداعين بالمعروف والناهين عن المنكر حاقده محشيه! فهي تعرف بإن البعرة تدل على البعير والتدبير يدل على المدبرين والسلاح على المسلحين واللحية على الملتحين!

وأخيرا حيتان البحر هادئة خجولة تتصف بالحياء أما حيتاننا فحيائها الكبير عندما تلقى الوعيد وندعوا الله أن يهديهم طريق مستقيم وخجلها بين كفين الرحيم فالظلم لا يغفر إلا من بعد إرجاع المظالم والحقوق وأرض التلة والقنديل! وهدوئها بعد النحيب ولقاء منكر ونكير وخازن النار أو من بعد التوبة باب الريان وحوض الشفيع، فيارب يا كريم سلمنا من مكر حيتاننا العابثين وأدخلنا جناتك مع التائبين وارزقنا عفوك عندما نخطأ في أنفسنا أو أحدا من خلقك وفك أسرى عبيد العصر من قبضة أعدائك أعداء المتمسكن من المدبرين لدينك والمسلحين بقدرتك يا عليم يا سميع الدعاء. وعسى الحال بإن لا يدوم يغيره علام الغيوب بعد أن يصحوا النائمين من سبات طويل كصحوة أهل الكهف أو كخروج ذو النونيين حقيقة من بطن حوت رحيم! فالإنتظار بالتغير دام عقود وموت أجيال وشهود، فمتى يا حي يا قيوم (بأدب نسألك) أن تعجل بآية تقول لها كن فيكون فالنائم يبدوا أنه لن يقوم!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة لأخي بدر العبري …

فوهة المدفع والبارود .... كلمة حق

القيم التي تعيش عليها الحياة الزوجية