القيم التي تعيش عليها الحياة الزوجية
ربما العنوان يشد طرفا دون أخر ولكني في هذه الخلاصة السريعة ألمح بطرف خفي القيم التي يعيشها كلا الزوجين وتأثير هذه القيم على حياتهم ومستقبل علاقتهم، فلا توجد علاقة زوجية مهما كانت مستقرة لا يعتريها الملل أو المشاكل او حتى الأنفصال وإن وضعنا يدنا على الجرح وجدناها تتلخص في قيمتين أساسيتين عند كل طرف من هذه العلاقة، ألا وهي قيمة (ألأخلاق لكوننا مسلمين) وقيمة (الرغبات الشخصية والأسرية) والتي يطلبها الواحد من الأخر.
هاتان القيمتان لا تستوعبان التطرف في تقديرهما ولا التنازل حتى الصفر، فكلاهما مكمل صعب للأخر، فالقيمة الأخلاقية للمسلم هو الحصن والجدار المنيع الذي يردعه من الإنحطاط الأخلاقي والوقوع في وحل المهالك والفحشاء، وهو الذي يصون الأعراض ويحفظ البيوت من التهدم ويربي ناشئة واثقة بدين الله معتمدة على أساس قوي وبيت راقي.
أما القيمة الثانية وهي قيم الرغبات الشخصية والأسرية، فهذه تأتي في المرتبة الثانية ولكنها الحلقة الأضعف وهي المقياس للقيمة الأولى، فهذه القيمة ليست دائما متوفرة عند الزوجين، فليس كل زوج غني يستطيع ان يحقق أعلى مستويات الرغبات المادية لدى المرأة، وليس كل زوجة جميلة جمالا لا تعتريها شائبة، وليس هناك من أب مثالي يحقق طموحات أبنائه ورغباتهم ، وليس هناك من كمال في إنسان ، ولكن ما يبقي الود في هذه القيمة، هي القناعة بما وهبنا الله من نعم ، والشكر على ما منحنا إياه من صحة ومال مهما قل أو كثر، وهذه القيمة، كذلك لا تحتمل الإفراط والتفريط، ولكن الحب الزائد نعمة واللطف والرحمة من صفات الله ، فهي زينة هذه القيمة ونتائجها حياة مستقرة.
الذي يختصر المقال، أن غياب القيمة الثانية ، عندما يكون الزوج كسول في الحميمية او بخيل أو ذميم أو مريض او مسافر أو خصلة لا تروق للمرأة، والمرأة مهملة في جمالها، لا تجيد فن المداعبة ولا تحمل نفسها على الحب الجم او مريضة أو غيرها مما لا تعجب الرجل، لا يعني بأي حال من الأحوال، التنازل عن القيمة الأولى وهي قيمة أخلاق الزوج المسلم أو الزوجة المسلمة ونكمل ما ينقصنا خارج الإطار الشرعي فنرمي بأنفسنا في أحضان الشر والشيطان، فخطوات إبليس تبدأ من هذه النافذة، وهي نافذة قيمة الرغبات الشخصية والأسرية عند الزوجين، فتبحث المراة عن حضن وعن عطف وعن مال ويبحث الرجل عن حب وجنس ومداعبه وجمال، فتهتز البيوت بمشاكل وفضائح لا يقدر على حلها إلا الله لبقاء الود قبل بقاء العيشة الزوجية.
هناك صرخات زوجات وازواج إنسلخت قيمة الأخلاق عند شريكهم ، وانزاح الجدار الذي يحصن بيوتهم، ومهما سميناها بالمعاصي التي تغفرها التوبة النصوحة، يبقى أثرها وجروحها على الأسرة عميق أما ان تهدده أو تربكه طول حياته، فالحذار الحذار أن تعتري قيمة الأخلاق عندكم نقص، فلا ترفع بصرك بشهوة الا لزوجتك فتجد نفسك تبحث الى ما بعد النظرة ، الى جسد من رفعت حاجب عينيك عليها، ولا تبحثي أختي المحصنة عن شيء لا تجديه في زوجك خارج أسوار منزلك، فيهتز لفعلك عرش الرحمن وتقعين في شرك تهدمين به عشك الزوجي.
هذا والله ولي التوفيق وأسئله تعالى أن يحفظنا وإياكم من حبال الشيطان وشركه ويحفظ زوجاتنا وأبنائنا وبيوت المسلمين من سقطات هذه القيم ويمنحنا الصبر على العيش بقناعة ورضا مع من نحب.
، برفيسور الحياة الزوجية
تعليقات