مسار منهج التغيير في الإعلام والتربية ... ما نخسره لا يساوي المكاسب المادية وسياسات ألا مساس!

*
*
*

صعب هو إستيعاب مسار و منهج التغييراليوم في بلدنا و الذي بدئته حلقات الذكر في المواقع الإلكتروينة وانتهى به الى أزمة حقيقية سياسية وإقتصادية بين الحكومة والمجتمع وما تبعته من قرارت سياسية أضافت لاعبين جدد ودين جديد لا غير! الاعبين الجدد كان بعضهم من دفة الإحتياط والبعض الأخر من أعضاء مجلس الشورى ، وخلال المرحلة المنصرمة وإنقطاع بعض الأفراد من مفكرين عمانيين تصدح صدى أصواتهم ربوع عمان بحقائق إقتصادية وإجتماعية وسياسية ربما يجعلني قليلا وأظن أن هناك من يتفق معي وخاصة المتابعيين ، أن هناك غموض مرحلي أو ربما مؤقت أو أن بعض الكتاب مل الكتابة وحال قلمه يقول على من تقرأ زبورك يا داوود.

في الجانب الأخر، الإستمرارية في سياسات الإعلام والمالية والإقتصاد ومنهجية عدم التغيير رافقت قرارات إبقاء رموز المؤسستين الراشدي والبلوشي على كراسيهم وإلغاء وزارة الإقتصاد عن بكرة أبيها ووضع رجل تنقصه الخبرة لقيادة أهم قواعد الإقتصاد في أي بلد والمتمثل في التجارة – ربما السبب أن النفط يبقي مساهمة التجارة في الدخل القومي على طرف الذيل – كل هذه المعطيات تعطينا مؤشر بأن هناك سياسيات لا مساس فيها وأنها ستستمر وإن تظاهر كل الشعب.

لعل هذا ما يلمح إليه البعض في كتاباتهم بأن المنهجية التي لا بد أن يدار به شعب كالشعب العماني لا بد أن تكون تخديرية ولملمة وإحتواء ، لأن الجذر التاريخي لشعب عاش أجداده عصور من الإنفتاح ووطن كانت رقعته الجغرافية السياسية تمتد الاف الأميال حتى طالت القرن الإفريقي بجانب مقدرات وثروات البلد الكبيرة، لا بد لأبناءه أن تقوم ثوراتهم وتهب عليهم رياح المطالبة بالتغيير.

الغريب في الأمر أن هناك لا وعي من الحكومة ومن المجتمع لمفترق طرق ونتائج عمياء سنراها في الجيل القادم ، سيُخيب ظن الجميع ويعطي الحكومة مؤشر الخطر من الدرجة السادسة لتراجع نفسها للملمة ما خسره المجتمع في هذه المرة وليس لإحتوائه.

لن نضع عذرا لأحد فالجميع مشترك في هذه الأزمة ، فحكومتنا مشغولة فكريا لإحتواء الشعب وهم هنا الكبار منهم لتبقي على سياساتها السبعينية متمثلة في الإعلام المفلس وإدارة موازنات بدل إدارة أصل المال المتمثلة في وزارة المالية!

أما إداريا فعسكرة بعض القطاعات الحكومية ووضع شيوخ على بعضها، كان المنهج السائد! والتي مارس لاعبوها أشد أنواع التخلف الفكري في إدارة التعليم والتربية بشكل خاص والقطاعات السمكية والزراعية والمائية والمشاريع والتجارة بشكل عام في دولة تسعى للتطور والنمو ... بل أن سياسات نقلات الشطرنج مارسها بعض أولئك الرموز التي عُنيت بعسركة المؤسسات المدنية بشكل من الهمجية المفرطة في حب الوطن بطريقة الحب المعكوس وربما تقديم المصلحة سبب أخر!

أما مسؤلية المجتمع الذين إحتوتهم الحكومة إعلاميا ومارست في حقهم جميع أنواع التقطير المالي المتمثل في جعلهم يجرون خلف زيادة دخولاتهم والمطالبة ليل نهار بالإعفاءات والزيادات جعلت من المجتمع شيئا ماديا تتراطمه أمواج البحث عن كفاف عيش وليس حقيقة في فضلة مال ، وفي المقابل إهمال الجيل القادم وهم يمثلون النصف الأخر من الناس والنصف الذي ستعمل على إحتواءه الحكومة لاحقا! ... اي أننا في دوامة وحلقة مفرغه الفرق فيها أن جيلنا يعي الإصلاح ولكن الجيل القادم، جيل فوضوي جدا في بعض الأحيان، معكوسي المفاهيم في أحايين كثيرة ، مرتبطين نفسيا وجسديا بالدجيتال في كل الأحوال ... تجذبهم النزعة الغربية السطحية في تبني الأفكار والمعتقدات.

وللأسف أن الداعم لقولي هو ما يدعيه البعض اليوم من تطور في مجتمعنا وهو بمثابة الحلقة الفاصلة بين مفاسد وسلبيات المجتمعات المتحضرة وبين ما ندعيه نحن من تطور ، أي أننا نتطور ببعض ما نبذته المجتمعات الغربية وهي متمثلة في التوسع التجاري لسلسلة مطاعم الجنك فوود - ككنتاكي وماكدونلدز وغيرها ودور السينماء ومحلات الموضه التي تسوق للحركات الشيطانية الشريرة كالEMO والبويات وغيرها ، وللأسف أن جميع أشكال التطور المزعوم تضرب مباشرة الصحة والخلق، وهما ركيزتا المجتمعات ، ناهيكم أننا وبسبب عسكرة قطاع التربية والتعليم فقدنا الثقة في المؤسسة التعليمية لتعيننا على الناشئة وتربيتهم بما يتناسب وثقافتنا، لذلك نرى انتشار المدارس الخاصة فالأباء المقتدرين يبحثون عن من ينقذ أبناءهم، وكم هم قلة أمام الجيش الكبير القانع جبرا بالتعليم الحكومي!


أجدني اليوم أطالب بإلحاح لعمل مراجعة شاملة ليس لنمو الإقتصادي الشامل وليس لمستقبل التنمية وليس للتطور الصناعي وليس لزيادة دخل الفرد وليس للقضاء على الديون والفقر ، بل لما نراه من معاناه للجيل القادم من أزمات نفسية وإنجراف أطفالنا خلف التطور المعكوس، لا بد أن تشتغل الحكومة وتوظف ما ندفع له نحن كشعب من مقدرات وثروات وطننا للإعلام والتربية من أجل بناء مؤسسة إعلامية وأخرى تعليمية تخرج المجتمع والوطن من قهر المفاهيم المعكوسة الى رحابة الفكر المتطور الذي يراعي جميع أركان التكوين الثقافي للمجتمع وأهمها الدين والتاريخ والإرث وحب الوطن.

لا بد من فض النزاع الفكري القائم بين جيل الشيوخ المتمسك بإفكاره وبين الجيل الفتي المطالب بالإصلاح و التجديد ، لأجل مصلحة الوطن.

اليوم وزيرة التربية والتعليم ، تلملم الشرخ وتحاول معالجة الأمور وأحسبها رأت العجب العجاب ، أقول لبطانتها ، أنها بداية تغيير وأنها ستصلح ما أفسده الدهر ما تظافرت جهودكم وأعنتموها أو أنها ستستقيل! ... التعليم والاموال التي ترصدها الحكومة تكفي بأن تقيم شعب أخر بأكمله بمأكله ومشربه ولو أنها لا تشكل 3 بالمئة من الدخل القومي الإجمالي بينما اليابان تنفق ما نسبته 13 بالمئة للتعليم ... ولكن لا يهم ما دام هناك إنفاق للتعليم وحسن صرف وإدارة سليمة ومسئولية لرفد هذا القطاع.

وفي المقابل أقول لوزير الإعلام ، إتقي الله ما دمت على كرسيك ، إن هذه أموالنا ومقدراتنا وثرواتنا لن ولن نرضى أن تستعملها لبث حلقات الموضة والأحزان وتهميش التاريخ والإرث الحضاري الكبير لعمان بدندنة بعض إعلاميك وهمس ورمسات أخرين، ولن نرضى دس الشعارات التي تقود الشعب للوطنية العمياء ليهتف بإسم التطور والإنجازات ويصفق لشوارع وبوابات.

ولن نسمح لأقلامنا الصمت بأن تغرينا ببعض الفسح التي يدعي بعضنا أنها مسالك خير ومسارات جميلة للتغير ونحو إعلام واعي، وتبدء تشغلنا بقيمنا التي هي في الحقيقة نتاج بيوقراطية حكومية ومناهج تربوية وتعليمية وإعلامية بدائية غير جاده!

بل نطمح أن أموالنا من ثرواتنا ومقدراتنا الوطنية بأن تكون مسلك ومسار للتغير الفكري الكبير للإعلام والبعد عن إنتهاج أسلوب تخدير الأزمة وإدارتها بدلا من حلها ، نريد حلول جريئة وذلك بإعطاء هوامش واسعة من الحرية لنزع أغلال الرقابة ، ومعالجة الشرخ العميق الكبير والعمودي في مجتمعنا ، نطمح لتعاون إستراتيجي مع الإعلام الحديث وتوقيع بروتوكولات يعكس رؤية حقيقة لتطوير القائمين على الإعلام وتدريب نخبة من الشباب الإعلامي المتميز ، نطمح بأن لا نعاكس حقيقة ديننا ، أوامره ونواهيه ... نقود الركب لا أن نكون في الإتجاه الأخر.

والله ولي التوفيق ،،،


تعليقات

‏قال غير معرف…
سعدت بزيارة المدونة

بالتوفيق للقادم
‏قال بابا سنفور!
لكل تغير مقاومة، فهل كل المقاوما صحيحة؟ أم كل أركان التغيرات سليمة؟،،، تناقض بين المغيرين والمغيرون!ولن تجدون حقيقته، أي هذا التناقض، لان سيتيه بين سراديبة!

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة لأخي بدر العبري …

فوهة المدفع والبارود .... كلمة حق

القيم التي تعيش عليها الحياة الزوجية