هو الحال مثل الطبطبة .. خدمات وحماية مستهلك

بحثت عن معنى الطبطبة في معاجم اللغة العربية فوجدتها لا تعدوا أكثر من وصف حقيقي لإستراتيجيات تقديم الخدمات للمواطن على شكل جرعات وتلاطم بعضها البعض حتى تستقر .. فهي تبدء بتقديم الخدمة بأي صورة ويكون بدائيا لدرجة التخلف فعلى سبيل المثال ، سابقا عندما يحين موعد تجديد السيارة أو المركبة كما يسموها كانت تأتيني مثل الفزعة العارمة وكأن يوم وفاتي قد حان فأنا ذاهب لأجدد سيارتي والعرق يتصبب مني وكأن ضغط الدم أو السكري منخفض ، فهناك صراع على المقدمة وتزاحم ووقوف طويل وعرق هذا في وجهه هذا وكأننا في طابور توزيع وجبات إفطار في أيام مجاعة ، كنا نصطف عشرة أشخاص خلف نافذة واحدة أقل الوقت ساعتين وأكثره نهاية الدوام هذا ناهيك إذا كان التجديد في يوم من أيام رمضان المبارك فالفطور فائت لا محالة، ليس لوجودك في الصف ولكن لأن التعب بلغ مبلغه فتنام وكأنك مضروب بإبرة مروفين أو بيثادين حتى بعد صلاة العشاء! وبعد سنوات من الحرب والمظنة والتعب والمطالبات تغيرت الأمور وبدئنا نرى النظام يأخذ مجراه بإرقام متسلسله تظهر في ألواح كبيرة مع شاشة تلفزيون 40 بوصة .. ناهيك أن الإبتسامة تملأ وجوه الجميع .. ومنذ أن فتح هذا النظام وأنا في كل زيارة أتعرف على شخص وأتبادل معه الحوار وأحيانا أقراء كتاب أو مجلة ... وعندما يحين دوري أخذ بعضي (على قيلت المصريين) والنصف الأخر لا زال في ذلك الكرسي يستجمع قواه ويذكرني بماضي هذه الخدمة .... الحالة في دفع الفواتير والماء والكهرباء والهاتف والبنوك مشابهه لذلك السيناريو ... والبعض كان يسأل وبغضب شديد ويرتجف لماذا نحن قليلي الصبر و البال !!! حتى أنا لا أعرف الجواب؟!

ولا يخفى على مجرب كيف كانت هي إجراءات فتح نشاط تجاري فثلاث أو أربع مؤسسات مطالبه بتقديم خدمات لفاتح النشاط لدعم الإقتصاد وجلب المستثمرين الكبار من الخارج وضخ أموال في السوق، وزارة التجارة والصناعة والقوى العاملة والغرفة (غرفة التجارة أقصد) والبلديات الإقليمية والأن (بعد الفصل للوزارتين) وزارة البيئة ، كيف أصور لكم الحال، كان شبيه بالذي يبحث عن إبنه ولا يعرف مكانه أو فاقد لشيء في هذه الأربع مؤسسات .. وفي أيام الحر والزحمة يزيد الهذيان والخذلان! حتى أتى نظام المحطة الواحدة وتم تجميع الرؤوس الخدمية في مكان واحد وتمر الأوراق بسلاسة ولين ويخرج الجميع يضحك وسعيد ، ولا زال في بعض الأحيان البعض يخرج حزين !! يعتمد على التوفيق في أغلب الأحيان!

وهكذا نأتي على الأمور حبه حبه ، فنبدأ من الصفر ونبني عليه بعد مليون رسالة إحتجاج على الوضع والتذمر والسب والشتم والتلعين، وربما البعض ينتحر ، من يدري ! هناك من أنتحر غما ليس من سوء الخدمة ولكن من الجوع والحرص على إتمام المعاملة في أقل وقت وبأقل جهد .. وأقل وقت كما قلت ساعتين في أي مكان خدمي وأقل جهد جوع وعطش وصف طابور (يسبب مرض يسمى عنن الأرجل مصاحب له دوار خفيف!).

اليوم هناك الكثير من المطالبات والمواضيع المختلفة تتعلق بحقوق المستهلك وما ينبغي فعله وما لا ينبغي فعله (ولعل (لعل من أخوات إن وهو حرف ترجٍّ ونصب) أي لعل ما لا ينبغي فعله أكثر قبولا لدائرة حماية المستهلك من ما ينبغي فعله – فالراحة والسكون تطيل العمر وتحافظ على الصحة وهذا هو الرجاء المنصوب!)، اليوم وهو الأثنين الأخير من يونيو 2010 الموافق لشهر رجب من 1431 والذي قرأت فيه في الصفحة الأولى أكثر من موضوع (أكثر أي من 1 الى 30 أو أكثر!) تتعلق بحماية المستهلك أقلهن إنترنت لا تعمل وأكثرهن عاملة لا تريد أن تعمل أو السمك شاطح ومغلي بعمره (على قول المثل زد غربة تزد حبا! ليش يوميا سمك خليها يوم سمك وشهر دجاج ولحم- لسان حال السمك)، وطبعا الخرفان إعترضت واحتجت فزاد سعرها لما سمعت أن السمك مغلي بعمره! والدجاجه وبيضها بدون إحتجاج ولا إعتراض إرتفع سعرها لأنها الوجبة الاولى في كل منزل!

كُتّاب تلك المواضيع يفرغون كيدهم وغمهم أمام الكيبورد (لوحة المفاتيح عربيا)، وتأتي الردود حسب المزاج الذي يكون عليه الشخص في تلك اللحظة ، وجلها مزاج متعكر رافض للوضع وأجملها (تراه خربانه خربانه) ، أي أن الوضع سيء من الأعلى فكيف سيكون الأسفل (فخراب الجزء من الشيء هو خراب كله) ولا زلنا نذكر الحال الذي آلت إليه الأوضاع في عام 2008 وحتى اليوم من إرتفاع حاد في أسعار الخدمات (مع المحافظة على جودتها والرقي بها!) وفي أسعار البضائع حتى الحديد المنزل من السماء إنزالا ليس فيه تعب ولا مشقة، زاد سعره ويتقلب سعره حسب البورصة!!... وبأوامر سامية حاول حفظه الله تصحيح الوضع وإعطاء الصلاحية لدائرة حماية المستهلك ورفعها في الهيكل العام لتكون تحت الوزير مباشرة وتم رفع توصيات والإعلان عنها في الجريدة الرسمية ، وعينك ما شافت!! أقصد عينك ما شافت غير المكتوب بالنص في الأوامر ولم يزد على ذلك وتم دعم الطحين والإسمنت !!! شكرا لكم فعمر بن الخطاب كان الزيت أدمه ولم تكن الولائم! وكان لا بد في الأوامر أن يدعم كل شيء حتى الكاتشب والمهلبيه ...

ولكني لا زلت متفائلا ، فأعتقد جازما أن حال حماية المستهلك ترتقي حبه حبه أي مثل الخدمات المقدمة من المؤسسات الحكومية والخاصة ، أي أننا لا بد لنا أن ننتظر أيام وليالي وشهور وسنون وحقب وأعوام وقرون كي نصل إلى مبتغانا من مفاهيم حماية المستهلك الحقيقية التي تقدم خدمتين للمواطن وللمجتمع .. الخدمة الأولى تحمينا والخدمة الثانية تحمي المجتمع من شر النفوس وجشع أخواننا المسلمين الركع السجود من التجار وأصحاب المكاتب والخدمات.

وسنرى بإذنه تعالى بعد عام قوانين تحمي المستقدم لعاملة منزل وبعد عامين قانون لحماية المستهلك من تجار السمك وبعد خمسة أعوام قوانين تحمي المستهلك من المصانع المنتجة للمواد الغذائية وبعد عشرة أعوام قوانين لحماية المستهلك من التجار الذين يتلاعبون بالإسعار وهكذا أي بعد مئة عام سيكتمل النصاب بإذنه تعالى ..

التشائم سلبي .. فقد مرت حتى اليوم أربعون عاما .. وما بقي سوى 60 عاما غيرهن لنرى نصاب القوانين مكتمل.

بارك الله في ما قدم لنا وفحوى كلامي أنا نتمنى أن يجلس الجميع على طاولة واحدة وإختصار الستون عاما في عام أو عامين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة لأخي بدر العبري …

فوهة المدفع والبارود .... كلمة حق

القيم التي تعيش عليها الحياة الزوجية