الفهم الخاطيء للدين وإقحامه في مقالات ونصوص ....

كيف هم رموز ومدارس الثقافة العمانيين؟ كيف ينشأ الكاتب المثقف السابر لإغوار العلم المتمرس للحياة العارف بالدين القادر على قول كلمة الحق ومن أين يستوحي مكنوناته الثقافية؟ كم قرأنا للكثير من المثقفين الذين يشهد لهم بالبنان وتصدح كلماتهم أعالي الجبال، لهم ثوابت وقيم يكتبون عليها ويعرفون حدود أقلامهم لا يتجاوزونها بل أحدهم قال أني أراجع الكلمة والجملة مئة مرة قبل أن أقتنع أنها تناسب الطرح وتتجانس مع الهدف المنشود من المقال.

هناك الكثير من علامات الإستفهام التي تستوقفني في الكثير من المقالات لكتاب نعرفهم وقرأنا لهم أو لا نعرفهم ولم نقرأ لهم، ولكنا نقيم المقال وليس من قال، فتارة يستوقفني الطرح وأسلوب الكتابة وتارة أخرى الفكر ورموز المدارس التي يستوحي منها الكاتب كلماته ومفرداته والكثير من الأحيان وفي سبلة عمان خاصة تستوقفني العشوائية في الطرح وأحيانا التطاول على الدين بسطحية لا أراها سوى أنها شح في الموارد الفكرية وإقحام النفس في مالا تعرف وتطيق.

لن أذكر أسماء ولا كتاب ولكني سأرمز إلى مقالين ، المقال الأول الذي أستوقفني و السرد الطويل جدا لمعضلة الإنتماءات المذهبية وأن الأفضل هو من لا ينتمي، والمقال الأخر لذلك الذي إرتئا حسب فهمه القاصر أن الخمر والمعازف من التوافه وأنه يجب أن لا يلتفت إليها وأن الخير والشر يأتي من الله ولا دخل لأفعال الناس بها ، وهذا حق ولكن هناك فهم أخر لتلك الجملة لا يعقلها إلا العالمون!

عجبي على هؤلاء الكتاب كيف يقحمون أنفسهم في ما لا يعنيهم ولا يقدرون عليه، كيف يُصور الا مذهبي أو الغير منتمي بالأفضل والرسول صلى الله عيه وسلم يقول العلم دين فحذروا ممن تأخذون هذا العلم ، كيف للواحد منا لا يحدد ممن يأخذ فتواه ويسيح بين المذاهب والتيارات المختلفة لتتراما عليه الفتاوى والرخص من كل حدب و صوب، كيف لأحد منا لا يحدد من يثق في علمه ويقلده ويكون حرصه على تجنب الشبهات وإتباع العقيدة الصحيحة أكبر من حرصه على تتبع الرخص وأخذ الفتاوى من دعاة الإعلام والباحثين عن الشهرة وغيرهم من المتفيقهين، وكيف لي أن أعرف ما لا ينبغي في الدين من الظرورة جهله، وقول الحق (ولتكن منكم أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .... ) ألا يجدر بي معرفة هذه الأمة التي أثق بها للنجاة يوم الدين.

والأغرب في ذلك المقال التناقض الغريب الذي يصف العمانيين بأنهم غير مذهبيين ومن ثم وبعده بسطر يقول أن هناك صراع ويحتفل بإنتقال فلان من مذهب الى أخر، إذا كان الطرفين موجودين فهذا دليل أن هناك تنوع مذهبي والتعصب موجود عند البعض بل وأقول عند الكثيرين، ولي من المشاهدات الكثيرة ، ولو أنها غير مباشرة فحكومتنا تمقت المذهبية وتضرب بسيف من حديد لكل من تسول له نفسه إثارة النعرات والتعصب، ولن أطيل في ذلك!

نعم التعصب المذهبي الممقوت والذي يفاضل هذا على هذا وسلب الحريات والقمع البغيض كما تمارسه بعض الحكومات وقول معي الحق وأنت الباطل ، هذا ما لا يقبله دين ولا مذهب وهذا ما ينفر الناس من الدين، وأسماء المذاهب ليست إلا أسماء سموها الناس ما كانت إلا بسبب إجتهاد أأمة من العلماء الذي وهبوا أنفسهم وأوقاتهم لله ، فحصل أن تجمهرت أمة على رأي هذا العالم ونسبوا إليه ولا ظرر في ذلك وفي الأخير يصطف الجميع خلف إمام واحد ويصومون شهر واحد ويحجون في أيام معلومة للجميع ... ولا يشان أحدا أنه أخذ بقول هذا العالم أو ترك قول هذا وعلى الفرد منا أن يبحث في البينة والدليل.

لست هنا بصدد شن هجوم ضد أحد من الكتاب ولكني أقف مذهول عندما أرى أحدهم يكتب وكأنه باحث في المذاهب أو فقيه أو عالم شرع، لا بد أن نقف على الخطوط الحمراء التي لا بد أن لا نتجاوزها إذا ما رغبنا في الكتابة عن الدين خاصة، فلا يناقش الدين بوجهات النظر والتجربة الصغيرة ومن ثم تعرض في مقالات كبيرة و تعرض على ألاف البشر من المثقفين والعامة ، فيترك هكذا، البعض يهلل ويكبر على جمال رص الكلمات والبعض يحايد ويقول يمكن ويمكن والأخر عكس التيار تماما لا يجد ما يقوله الا الحوقلة والإسترجاع.

أما المقال الأخر والإستخفاف الكبير بأم الكبائر ولا زلت أذكر مقال أخر لنفس الكاتب الذي يطالب فيه بتقنين توزيع الخمور، ويا عجبي من هذا الكاتب يرد على أحد المتداخلين بأني لا أشرب الخمر وينادي بتقنينه ويستخف بحرمته، ويستدرج يقول بأن الخمور والمهرجانات لا يمكن أن تكون سبب في الأعاصير وغيرها، ربما تكون على حق ولكن الحق الأكبر ذكر في القراءن،

" أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ " (الأعراف، 97)
" أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ " (الأعراف، 98)
" وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ " (الأعراف، 96)

أنأمن مكر الله وتدبيره ونقول ليست هذه الكبيرة هي السبب ولا هذه ! كيف لنا التقول في الدين، هذا المضمار له رجاله وليس لأحد الحق في قول رأيه فهناك النص الثابت والقول الحكم، ولن أطيل فلن يخفى على متبصر سذاجة الطرح وقد رفع الموضوع بعد أن سالت الشتائم والإحتجاج على كاتب الموضوع.

ما أنصح به الكتاب الإبتعاد في مقالاتهم ونصوصهم ما يثير حولهم الشكوك بنواياهم وعمق فكرهم وثقافتهم ، ومن ناحية أخرى يجب الإلمام التام بالموضوع وما تصير إليه الكلمة من معنى وما تؤل إليه الجملة من فهم، فما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد وما نقوله اليوم نصدقه غدا.

وعسى أن لا يفهم من مقالي هذا أنه هجوم بقدر نصح وترشيد ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة لأخي بدر العبري …

فوهة المدفع والبارود .... كلمة حق

القيم التي تعيش عليها الحياة الزوجية