إستنزاف البنوك للإقتصاد ... وما يبقيهما قائمين هما ثروة الأرض ومقدراتها!
كتاب امبراطورية الثروة لجون ستيل جوردون ، الإقتصادي المعروف ، كتاب في جزئين يتحدث عن التاريخ الإقتصادي الملحمي للولايات المتحدة الإمريكية ، وقد وجدت له قراءة جميلة قي موقع المعرفة لمزيد من الاطلاع إمبراطورية الثروة ..
اشتريت الكتاب من مكتبة بوردرز ... أتمنى توفر الكتاب بنسختيه حتى اليوم فقد إشتريته قبل أشهر طويلة.
فصول كثيرة أسهب و تحدث فيها المؤلف عن تاريخ الإقتصاد الإمريكي وبدء تكٌون البنوك الإمريكية لتنظيم التجارة وتمويل استراتيجيات النمو والتوسع وبناء إقتصاد منظم يقوم على أسس إقتصادية متينه ... السندات كانت المحرك الأكبر لتمويل الحكومة والذي كان الناس مصدر هذا التمويل من خلال الزراعة و التجارة والتصدير.. إرادة الحكومات المتفرقة للولايات للإنظمام تحت حكومة فدرالية مركزية ودمج الإقتصاد وتنشيط التجارة بين الولايات ورد الهجمات المتتالية لحروب إسطنعتها بريطانيا بسبب غيظها من فكرة الإنفصال، كان هذا أحد براميل الوقود لإنفجار ذلك الإقتصاد العملاق ....
ثقافة المستوطنين التي بنتها صعوبات الإستيطان في بلد مترامية الأطراف ومتعددة الثروات ، قيضت لإمريكا مفكرين اقتصاديين وقادة يقومون على بناء الفكر الإقتصادي الذي قامت عليه أمريكا والتي نراها اليوم كقوة منظمة عملاقة ... ولا يخفا على أحد ما تلعبه البنوك منذ قيام أمريكا وإنفصالها عن بريطانيا في الربع الأخير من القرن السابع عشر من دور في تنظيم هذا الإقتصاد العتي حتى قبل تكوين البنك المركزي الفدرالي ...
فلعبت البنوك دورا في تنظيم النقد وإصدار السندات التمويلية وتنظيم التجارة وحفظ أموال الناس وتزامن ذلك الحاجة الملحة لتمويل مشاريع حيوية عملاقة كشق قنوات السفن وبناء جسور بين الولايات وبناء سدود عملاقة تنظم الزراعة وتحمي المدن الجديدة من الأمطار الموسمية ...
وبعد نهوض الولايات المتحدة الإمريكية لم تكن البنوك من وجهة نظري أكثر من منظم للنقد والتمويل بين الناس والحكومة ... فالتجار والثروات الزراعية والتصدير صاحبهُ إبتكار وتبني للأفكار وأصحاب الافكار .. كأفكار لتطوير الزراعة وزيادة الإنتاج ، أفكار صناعية لتوليد الطاقة اللازمة ، أفكار إقتصادية وإستراتيجيات وخطط تنفيذ مشاريع البنى التحتية والإهتمام الكبير بالإدارة ونظرياتها وتساوي تقسيم الثروات بين الناس ، كل هذه العوامل كانت السبب الرئيس بل الأوحد لبناء عملاق الاقتصاد العالمي.
يقول الدكتور سلمان العودة إن نظريات إنهيار الإقتصاد الإمريكي لن ترى النور بسهولة وذلك لما تمتلكه هذه الدولة من عوامل ومقومات الإستمرار كالتنظيم والتخطيط الإستراتيجي وتبني الأفكار والتعليم والبحث ومقدرات تجارية وصناعية وبشرية لا تحصى ... وأتفق مع الدكتور قلبا وقالبا لأن كل هذا ربما أخرت إنهيار إقتصادها الذي يقوم اليوم على مقومات الإستمرار ... ولكن الذي أختلف معه فيه هو أنها بدءت تنهار بسبب تطوير منتجات البنوك وتنوع طرق الإقراض الربوي المغتصب لأموال الناس ومقدرات البلد .... وإنفصال الطبقة الفقيرة إنفصال تاما واضحا عن أصحاب رؤوس الأموال ، فبطريقة أو بأخرى تلاشى التوزيع المتساوي بين الناس لمقدرات البلد مع بقاء العوامل الأخرى المؤخرة للإنهيار إذا ما ظلوا على عقم نهجهم الرأسمالي هذا ...
ويتبين لنا أن إقتصاديات الدول العملاقة بدءت تنظمها البنوك التجارية والمركزية ويمولها الناس خلال التبادل التجاري والتصدير والبحث العلمي بجانب مقدرات وثروات البلد من نفط ومعادن وذهب ، وما أدخله اليهود في المعاملات التجارية والبنكية السليمة من عدد من المنتجات الربوية التي قامت بدورها تسرق الناس بدل إفادتهم وإلغاء الطبقة الوسطى المستفيدة من النمو الإقتصادي والتي تمثل حلقة الوصل بين الطبقة الفقيرة والطبقة الغنية، وتسارع وتيرة نمو الأموال لدى هذه البنوك وملاكها ، وإغراق الأسواق والناس بالديون البنكية الربوية بدل ما كانت الأسوق وكان الناس ممولين رئيسين للحكومات من خلال ظرائب التصدير وظرائب الخدمات الحكومية وغيرها، طبعا هذا بجانب الثروات ومقدرات البلد كالنفط والعقول مثلا...
وفي أحد المحاضرات يقول مدير عام بنك مسقط أن أكثر من 70% من منتجات البنك هي الإقراض ، والذي تتمثل أرباحه بكل ما تعنيه من كلمة في نمو الريالات وولادتها من ظهور المستقرضين .. فالنسخ الذي قامت به حكومات الدول النامية تمثل في نقل أو لصق صورة البنوك الغربية وتعاملاتها بحلتها الممنهجة اليهودية الأخيرة ، ولم تضع لنفسها مساحة التفكير لتطوير هذه البنوك وإرجاع أساس تكوينها التنظيمي للتبادل التجاري ومراقبة المؤشرات الإقتصادية وحفظ أموال الناس بدل نهبها.
فأصبحت البنوك كمؤسسات مقرضه تملك رأس مال بسيط يعمل على تنظيم الإقتصاد من زاويته الضيقة التي لا بد منه لتكوينه ... فيتكًون الخلل الكبير بين إستنفاع الناس من خيرات البلد والنمو الإقتصادي بسبب توفر الثروات والتبادل التجاري وبين إغراق الأسواق والناس بديون ترجع على شكل إقساطات مؤجلة لتكبر في رحمها أكبر جريمة إنسانية في حق الشعوب ، فيقرض شرذمة من مؤسسات مليارات للناس لترجع بعد ذلك مئات بل ألاف المليارت ويبقى الناس عاجزين عن الوفاء والسوق مثقل كاهله لإرجاع أضعاف أضعاف ما يملكه الناس من أموال لشراء بضاعة هؤلاء التجار المستقرضين ...
فالنسخ الذي قامت به الحكومات النامية لم يكن موفقا بل جريمة ، خاصة تلك التي تمتلك ثروات نفطية وزراعية وبحرية ومعادن وغيرها ، فأعطت الناس نصف حقوقهم ليعطي البنك النصف الأخر ومن ثم يأخذ الإثنين ، فتبقى الحكومة تستنزف جزء كبير من مدخراتها عن طريق الناس لتذهب الى البنوك ...
وما هي الفاتورة الإمريكية الأولى في إنهيار إقتصادها العامين الماضين والتي تقدر ب 70 ترليون والأسبوع الماضي الفاتورة الثانية بأكثر من 100 ترليون إلا دليل على أن أموال الشعوب ذهبت في بطون هذه الشرذمة من المؤسسات الربوية.
فالبنوك المقرضة الربوية كالشجرة الخبيثة لا تنمو إلا في أرض خصبة وتحت أشجار طيبة مثمرة ، فلو سلمنا أن بلدا جدباء بدون ثروات أو عقول سوى تلك التي يتبادلها الناس من مأكل أو مشرب ، يتناولون ويتبادلون سلعهم يدا بيد ... فمن أين ستجد هذه البنوك مكانا لها لتأتي برأس مال بسيط لينمو ويصبح رأس مال كبير ، فلا ثروة زائدة تدخل في جيوب الناس لتغريهم بمتع الحياة فتسرق ما في جيوبهم فالألف يصبح ثلاثة ألاف ، ولا تطور يُقًيظ لها سبل الإقراض بداعي التطوير التجاري أو الصناعي ليصبح المليون خمسة ملايين.
فلماذا لا يُعاد تطوير إستراتيجيات البنوك وتأخذ دورها الأساسي وتبقي على أهدافها القديمة دون تبني تلك الأفكار اليهودية العقيمة المحرمة ، فنراجع منتجاتها فنقلصها لتأخذ الثلاثين بالمئة فقط وهو التنظيمي للتجارة والإقتصاد ، وتقوم الحكومة بتبني تلك النسبة الكبيرة من منتجات البنوك المتمثلة في الإقراض ، وذلك ببناء مؤسسات حكومية إقراضية جديدة تقوم على ضخ الأموال لتحسين أوضاع الناس المعيشية والتجارية وغيرها كالزراعة ، فبهذا يكون المصدر واحد والمستفيد الجميع سواء الناس والحكومة ولا يذهب دخل البلد ومقدراته الكبيرة بطريقة غير مباشرة في جيوب شرذمة من المؤسسات أو فئة من الناس الجشعين.
المطلوب تجديد العقول الإقتصادية القديمة وبناء بحوث علمية تخرج كوادر إقتصادية بفكر متجدد لتطوير إقتصاد حقيقي لحفظ ثروات ومقدرات البلد من الضياع والخراب الذي تسببه البنوك الربوية المقلده بشكلها المدمر المجرب فعله التخريبي في بلدان الثروات الخصبة ....
وما قيل أعلاه كافي كي ينتبه الجميع لسواد أهداف هذه المؤسسات الربوية البغيضة ، ولن أُذٌكر أحدا منكم بكلمة المشرع الألهي في تحريم الربا والوعيد الكبير كل من تسول له نفسه دخول هذا المظمار الخبيث سواء مقرضا أو مستقرضا ، بالحرب من الله ورسوله والمتمثل اليوم في الأفآت والأسقام والمصائب والأمراض النفسية والعقلية والجسدية ..
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم
عافنا الله جميعا وإياكم ... وبارك فيكم
*
*
تعليقات