عودة الدراخما .... هل سنقبل بحال أقل مما عليه الأن؟
ديون متراكمة تقدر ب 300 مليار يورو اي أكثر من 115 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي اليوناني ، تحفظ ألماني من المساندة ، هزة لمنطقة اليورو وعملة اليورو ، ترقب بريطاني لإنهيار محتمل للعملة المنافسة ، إعلان إستراتيجية تقشف يرفضها الشعب ينتج عنها مظاهرات قوية وربما بوادر إنفجار أزمة أخرى، نتائج سلبية متوقعة على كل دول اليورو ، حزم مساعدات وقروض اروبية لإحتواء الأزمة تقدر بأكثر من 110 مليار يورو ، حلول بعودة الدراخما لخفض القيمة الإسمية للعملة بدل اليورو ، إنخفاض في الأسوق المالية العالمية ... حقائق ونتائج لم تكن في الحسبان تقع في منطقة اليورو وفي أقل الدول المساهمة للمجموعة الاروبية والتي لا تزيد مساهمتها عن 2.5 في المئة من مجموع إقتصاد منطقة اليورو .
لا يؤرقني موضوع الأزمة اليونانية بل ولست أهتم ومتابع لها سوى من تقارير مصادفة في القنوات الإقتصادية والإخبارية وبعض المقالات التي قرأتها لتعزيز الحقائق في هذا المقال، ولكن ما أنا بصدد الحديث عنه هو النهج الذي ستقوم عليه دول الخليج في مجابهة أزمات مشابهه والتي ستحدث بلا شك خلال أحد الأمرين أولا.. نضوب النفط والغاز أو عدم الجدوى الإقتصادي لإستخراجهم ، والثاني .. عدم وجود بدائل ثروة تنزل من السماء أو تخرج من الأرض .. فليس هناك ما يستند عليه من إقتصاد وناتج محلي بديل يقوم مقام المتوفر حاليا.
تقوم إقتصادياتنا الخليجية على ثروات الأرض النفطية و الغازية وتستنزف الأموال في بنى تحتية ومناقصات ورواتب حكومية ومشاريع سياحية ومشاريع أخرى تتعلق بالغاز والنفط والبعض يتحدث عن مشاريع الطاقة البديلة والنووية ، وهذه المشاريع لا تشكل إلا نسبة ضئيلة جدا من الناتج المحلي الإجمالي والباقي ثروة سمكية وزراعية ولربما معادن وذهب لا يساوي شيئا أبدا مقابل النسبة الكبرى لمخرجات النفط والغاز، لست أعي الكثير من الصرف والتوازن المحتم الذي يجب على الحكومات الخليجية إتباعه ولكن ما أعرفه جيدا أنه لا توجد خطط بديلة أو خطط أزمات إذا ما شحت الموارد وأراد الله لنا نقص في الاموال والثروات.
تبتلى الأمم بأزمات ويقيض الله من يخرجهم ويرشدهم لتخطي العقبات ولست أخبركم عن قصة يوسف الصديق (علية السلام) وكيف تصرف بحكمة وفكر إقتصادي في أربعة عشر سنة ، أولهن رخاء وبعدها سبع سنوات حجاف وقحط وجفاف ونقص وشح في الماء والورد وكل شيء ، كيف نفكر إقتصاديا في مجابهة أزمات كالتي حلت على اليونان أو كالتي حلت على عمان خلال القرن المنصرم بعد إمبراطورية أمتدت حتى القرن الإفريقي، و يقال أن هذا المريض أي اليونان لن يتعافى ، كيف بأمة كاليونان عاش شعبها رخاء لسنوات طويلة حتى يعرف أن الموظف الحكومي اليوناني يعيش رخاء مادي لم يعرفه أحد من قبل ، علاوات ومكافأت وغيرها من المزايا التي يفتقد لها الكثير من شعوب دول أكبر إقتصادا ، إستنزفت موارد اليونان في أحلك وأشد الأزمات فتكا في هذا القرن ، إستنزفت موارده وتراكم الدين العام وظل مخفيا لسنوات ، كيف أدارت الحكومة الحالية الأزمة المالية كي تؤل الى هذا الوضع ومالذي فعلوه كي تخرج اليونان بهذا الدين العظيم.
لا زلت لا يهمني أزمة اليونان ، ولكن يهمني مقارنة ودروس نتعلمها من سقطات الغير يهمني التفكير السريع في إستراتيجيات للإزمات الإقتصادية بحيث نحقق توازن بين مطالبات الشعب بحقوق وواجبات لم توفا لهم بعد ، وموظفي حكومة وقطاع خاص يعانون الأمرين للعيش بأسلوب حياة مثالي وبين التقشف الشهري والعيش بأجار، وبين ما يمكن فعله لو حدثت أزمة إقتصادية، مالذي تدخرة الحكومة لنا في أيام كتلك وما مالذي يدخره الشعب العماني خاصة وبعض شعوب دول الخليج عامة لتلك الأزمات.
كيف سيواجة الشعب العماني أزمة إقتصادية تعصف بحياتهم وأكثر من نصف الشعب لم يذق حلاوة الرفاهية ولا طلاولة عيش الكفاف حتى ، يعيش البعض على أطلال بيوت قديمة والبعض باحث عن عمل والكثير من الجيل القادم في المدارس والكليات والجامعات عبارة عن تراكم بشري لا يعلمون ماذا خبأ لهم القدر.
هل سنعود لأكل الخبز واللبن والقاشع والسحناة وتميرات ... أم أننا سنتظاهر مجبرين الحكومة على فعل شيء ونحملها فوق طاقتها، هل نفكر في حلول من اليوم تسنتند عليها الحكومة ويستند عليها الشعب بأكمله بحيث نحقق توازن بين رفاهية المواطن والإدخار لليوم الأسود وبين الصرف في الإستثمارات المربحة وبين الإستمرار في التنمية وبناء البنى الأساسية ، كيف نفكر اليوم للغد الحالك؟ صدقوني نفسي لا أعرف الحل!
تعليقات